بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

{ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } قال الكلبي ومقاتل : { لاَّ يَأْتِيهِ الباطل } أي : لا يأتيه التكذيب من الكتاب الذي قبله ، كل يصدق هذا ، ولا يجيء من بعده كتاب يكذبه . وقال قتادة : { لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } يعني : لا يستطيع الشيطان أن يبطل منه حقاً ، ولا يؤيد فيه باطلاً .

قال أبو الليث : حدثنا الخليل بن أحمد . قال : حدثنا الباغندي . قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي سنان ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البحتري ، عن الحارث الأعور ، عن علي بن أبي طالب قال : " قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمتك ستفترق من بعدك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بَلَى » . فقالوا : ما المخرج منها ؟ فقال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : " كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه " ، { تنزيل } من حكيم حميد . من ابتغى العلم في غيره ، أضله الله ، ومن حكم بغيره ، قصمه الله ، وهو الذكر الحكيم ، والنور المبين ، والصراط المستقيم ، فيه خبر من كان قبلكم ، وبيان من بعدكم ، والحكم فيما بينكم هو الفصل المبين ، وهو الفصل ، وليس بالهزل ، وهو الذي سمعته الجن ، فقالوا : إنا سمعنا قرآناً عجباً لا يخلق على طول الدهر ، ولا تنقضي عبره ، ولا تفنى عجائبه ، ثم قال للحارث : " خذها إليك يا أعور " .

ثم قال : { تَنزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } يعني : القرآن تنزيل من الله تعالى ، الحكيم في أمره ، المحمود في فعاله . وقال بعضهم : قوله : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَاءهُمْ } ، لم يذكر جوابه ، وجوابه مضمر . وقال بعضهم : جوابه في قوله : { وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } ويقال : جوابه في قوله { وَلَوْ جعلناه قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آياته آعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 44 ] .