ثم قال تعالى : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } أي : من الكواكب والجبال ، والبحار والأنهار ، وجميع ما تنتفعون به ، أي : الجميع من فضله وإحسانه وامتنانه ؛ ولهذا قال : { جَمِيعًا مِنْهُ } أي : من عنده وحده لا شريك له في ذلك ، كما قال تعالى : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } [ النحل : 53 ] .
وروى ابن جرير من طريق العوفي ، عن ابن عباس في قوله : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ } كل شيء هو من الله ، وذلك الاسم فيه اسم من أسمائه ، فذلك جميعا منه ، ولا ينازعه فيه المنازعون ، واستيقن أنه كذلك .
وقال{[26310]} ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن خَلَف العسقلاني ، حدثنا الفِرْياني ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المِنْهال بن عمرو ، عن أبي أراكة قال : سأل رجل عبد الله بن عمرو قال : مم خلق الخلق ؟ قال : من النور والنار ، والظلمة والثرى . قال وائت ابن عباس فاسأله . فأتاه فقال له مثل ذلك ، فقال : ارجع إليه فسله : مم خلق ذلك كله ؟ فرجع إليه فسأله ، فتلا { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ } هذا أثر غريب ، وفيه نكارة .
وتسخير { ما في السماوات } : هو تسخير الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء والملائكة الموكلة بهذا كله ، ويروى أن بعض الأحبار نزل به ضيف فقدم إليه رغيفاً ، فكأن الضيف احتقره فقال له المضيف : لا تحتقره فإنه لم يستدر حتى تسخر فيه من المخلوقات والملائكة ثلاثمائة وستون بين ما ذكرنا من مخلوقات السماء وبين الملائكة وبين صناع بني آدم الموصلين إلى استدارة الرغيف ، وتسخير ما في الأرض هو تسخير البهائم والمياه والأودية والجبال وغير ذلك . ومعنى قوله : { جميعاً منه } قال ابن عباس : كل إنعام فهو من الله تعالى .
وقرأ جمهور الناس : «منه » وهو وقف جيد . وقرأ مسلمة بن محارب : «مَنُّه » بفتح الميم وشد النون المضمومة بتقدير : هو منه{[10264]} . وقرأ ابن عباس : بكسر الميم وفتح النون المشددة ونصب التاء على المصدر{[10265]} . قال أبو حاتم : سند هذه القراءة إلى ابن عباس مظلم ، وحكاها أبو الفتح عن ابن عباس وعبد الله بن عمر والجحدري وعبد الله بن عبيد بن عمير . وقرأ مسلمة بن محارب أيضاً : «مِنةٌ » بكسر الميم وبالرفع في التاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.