تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ} (45)

ثم قال : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي : من الأمم ، { وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ } قال ابن عباس : أي من القوة في الدنيا . وكذلك{[24397]} قال قتادة ، والسدّي ، وابن زيد . كما قال تعالى : { وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ الأحقاف : 26 ] ، { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً } [ غافر : 82 ] ، أي : وما دفع ذلك عنهم عذاب الله ولا رده ، بل دمر الله عليهم لما كذبوا رسله ؛ ولهذا قال : { فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي : فكيف كان نكالي وعقابي وانتصاري لرسلي{[24398]} ؟ .


[24397]:- في ت ، س: "وكذا".
[24398]:- في ت: "أى فكيف كان عقابي وانتصاري لرسلي".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ} (45)

ثم هددهم فقال : { وكذب الذين من قبلهم } كما كذبوا . { وما بلغوا معشار ما آتيناهم } وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا أولئك من القوة وطول العمر وكثرة المال ، أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى . { فكذبوا رسلي فكيف كان نكير } فحين كذبوا رسلي جاءهم إنكاري بالتدمير فكيف كان نكيري لهم فليحذر هؤلاء من مثله ، ولا تكرير في كذب لأن الأول للتكثير والثاني للتكذيب ، أو الأول مطلق والثاني مقيد ولذلك عطف عليه بالفاء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ} (45)

ثم مثل لهم بالأمم المكذبة قبلهم ، وقوله { وما بلغوا معشار ما آتيناهم } يحتمل ثلاثة معان : أحدها أن يعود الضمير في { بلغوا } على قريش ، وفي { آتيناهم } على الأمم { الذين من قبلهم } ، والمعنى من قوة والنعم والظهور في الدنيا ، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد ، والثاني أن يعود الضمير في { بلغوا } على الأمم المتقدمة وفي { آتيناهم } على قريش ، والمعنى من الآيات والبينات والنور الذي جئتهم به ، والثالث أن يعود الضميران على الأم المتقدمة ، والمعنى من شكر النعمة وجزاء المنة و «المعشار » ، ولم يأت هذا البناء إلا في العشرة والأربعة فقالوا : مرباع ومعشار وقال قوم : المعشار عشر العشر .

قال القاضي أبو محمد : وهذا ليس بشيء ، والنكير مصدر كالإنكار في المعنى وكالعديد في الوزن وسقطت الياء منه تخفيفاً لأنها آخر آية ، و { كيف } تعظيم للأمر وليست استفهاماً مجرداً ، وفي هذا تهديد لقريش أي أنّهم معرضون لنكير مثله .