الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَكَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ} (45)

ثم توعدهم على تكذيبهم بقوله : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ } تقدّموهم من الأمم والقرون الخالية كما كذبوا ، وما بلغ هؤلاء بعض ما آتينا أولئك من طول الأعمار وقوّة الأجرام وكثرة الأموال ، فحين كذبوا رسلهم جاءهم إنكاري بالتدمير والاستئصال ، ولم يغن عنهم استظهارهم بما هم به مستظهرون ، فما بال هؤلاء ؟ وقرىء : «يدرّسونها » من التدريس وهو تكرير الدرس . أو من درّس الكتاب ، ودرّس الكتب : ويدرّسونها ، بتشديد الدال ، يفتعلون من الدرس . والمعشار كالمرباع ، وهما : العشر . والرابع .

فإن قلت : فما معنى { فَكَذَّبُواْ رُسُلِى } وهو مستغنى عنه بقوله : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } ؟ قلت : لما كان معنى { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } : وفعل الذين من قبلهم التكذيب ، وأقدموا عليه : جعل تكذيب الرسل مسبباً عنه ونظيره أن يقول القائل : أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ويجوز أن ينعطف على قوله : وما بلغوا ، كقولك : ما بلغ زيد معشار فضل عمرو فتفضل عليه { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي للمكذبين الأوّلين ، فليحذروا من مثله .