مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَكَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ} (45)

ثم توعدهم على تكذيبهم بقوله { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } أي وكذب الذين تقدموهم من الأمم الماضية والقرون الخالية الرسل كما كذبوا { وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَا ءاتيناهم } أي وما بلغ أهل مكة عشر ما أوتي الأولون من طول الأعمار وقوة الأجرام وكثرة الأموال والأولاد { فَكَذَّبُواْ رُسُلِى فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } للمكذبين الأولين فليحذروا من مثله . وبالياء في الوصل والوقف : يعقوب أي فحين كذبوا رسلهم جاءهم إنكاري بالتدمير والاستئصال ولم يغن عنهم استظهارهم بما هم مستظهرون ، فما بال هؤلاء ؟ وإنما قال { فَكَذَّبُواْ } وهو مستغنى عنه بقوله { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } لأنه لما كان معنى قوله { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } وفعل الذين من قبلهم التكذيب وأقدموا عليه جعل تكذيب الرسل مسبباً عنه وهو كقول القائل : «أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم » .