يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم ، وما أسبغ عليهم من الفضل العَميم فقال : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ } وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " الصافات " ، وذكر الخلاف في الاتكاء : هل هو الاضطجاع ، أو التمرفق ، أو التربع أو التمكن في الجلوس ؟ وأن الأرائك هي السُّرر تحت الحجال .
وقوله : { لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا } أي : ليس عندهم حَرّ مزعج ، ولا برد مؤلم ، بل هي مزاج واحد دائم سَرْمَدْيّ ، { لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا } [ الكهف : 108 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{متكئين فيها على الأرائك} يعني على السرر عليها الحجال.
{لا يرون فيها شمسا} لا يصيبهم حر الشمس {ولا زمهريرا} يعني ولا يصيبهم برد الزمهرير، لأنه ليس فيها شتاء ولا صيف.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
متكئين في الجنة على السّرر في الحجال، وهي الأرائك واحدتها أريكة.
"لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسا وَلا زَمْهَرِيرا" يقول تعالى ذكره: لا يرَوْن فيها شمسا فيؤذيهم حرّها، ولا زمهريرا، وهو البرد الشديد، فيؤذيهم بردها.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا} بل يكون ظلها دائما محدودا. فجائز أن يكون المراد منه أن ضياء الجنة ليس بالشمس، ولكن بما خلقت مضيئة، لأن الشمس في الدنيا يقع بها الضياء، فيكون ضياء النهار بالشمس، وذكر أنهم لا يرون فيها الزمهرير ليعلم أن لذات شراب الجنة وبرودته بالخلقة لا أن تكون برودتها بتغير يقع في الأحوال على ما يكون عليه شراب أهل الدنيا، أو يكون ذكر هذا ليعلموا أنهم لا يؤذون بحر ولا برد.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
يعني: أن هواءها معتدل، لا حرّ شمس يحمي ولا شدّة برد تؤذي.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما ذكر أنه كفاهم المخوف وحباهم الجنة، أتبعه حالهم فيها وحالها فقال دالاًّ على راحتهم الدائمة: {متكئين فيها} أي لأن- كل ما أرادوه حضر إليهم من غير حاجة إلى حركة أصلاً، ودل على الملك بقوله {على الأرآئك} أي الأسرة العالية التي في الحجال، لا تكون أريكة إلا مع وجود الحجلة، و- قال بعضهم: هي السرير المنجد في قبة عليه شواره ونجده أي متاعه، وهي مشيرة إلى الزوجات لأن العادة جارية بأن الأرائك لا تخلو عنهن بل هي لهن لاستمتاع الأزواج بهن فيها. ولما كانت بيوت الدنيا وبساتينها تحتاج إلى الانتقال منها من موضع إلى موضع لأجل الحر أو البرد، بين أن جميع أرض الجنة وغرفها سواء في لذة العيش وسبوغ الظل واعتدال الأمر، فقال نافياً ضر الحر ثم البرد: {لا يرون فيها} أي بأبصارهم ولا بصائرهم أصلاً {شمساً} أي ولا قمراً {ولا} أي و لا يرون فيها أيضاً ببصائرهم أي لا يحسون بما يسمى {زمهريراً} أي برداً شديداً مزعجاً ولا حراً، فالآية من الاحتباك: دل بنفي الشمس أولاً على نفي القمر، لأن ظهوره بها لأن نوره اكتساب من نور الشمس، ودل بنفي الزمهرير الذي هو سبب البرد ثانياً على نفي الحر الذي سببه الشمس، فأفاد هذا أن الجنة غنية عن النيرين، لأنها نيرة بذاتها وأهلها غير محتاجين إلى معرفة زمان لأنه لا تكليف فيها بوجه، وأنها ظليلة ومعتدلة دائماً لأن سبب الحر الآن قرب الشمس من مسامته الرؤوس، وسبب البرد بعدها عن ذلك.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ولنا أن نقول: إنه عالم آخر ليست فيه شمسنا هذه ولا شموس أخرى من نظائرها.. وكفى.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
إشارة إلى اطمئنانهم وارتياحهم الكاملين، لأنّ الإنسان لا يجلس متكئاً عادة إلاَّ عند الراحة والاطمئنان والهدوء.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.