تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأۡتِ بِـَٔاخَرِينَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرٗا} (133)

وقوله : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا } أي : هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه ، وكما قال [ تعالى ]{[8456]} { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [ محمد : 38 ] . وقال بعض السلف : ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره ! وقال تعالى : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ . وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ } [ إبراهيم : 19 ، 20 ] أي : ما هو عليه بممتنع .


[8456]:زيادة من: د.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأۡتِ بِـَٔاخَرِينَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرٗا} (133)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيّهَا النّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَىَ ذَلِكَ قَدِيراً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : { إنْ يَشَأْ } الله أيها الناس { يُذْهِبْكُمْ } أي يذهبكم باهلاككم وإفنائكم . { وَيأْتِ بآخَرِين } يَقول : ويأت بناس آخرين غيركم ، لمؤازرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونصرته . { وكانَ اللّهُ على ذَلِكَ قَدِيرا } يقول : وكان الله على إهلاككم وإفنائكم ، واستبدال آخرين غيركم بكم قديرا ، يعني : ذا قدرة على ذلك . وإنما وبخ جلّ ثناؤه بهذه الاَيات الخائنين الذين خانوا الدرع التي وصفنا شأنها ، الذين ذكرهم الله في قوله : { وَلا تَكُنْ للخائِنِينَ خَصِيما } وحذّر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يكونوا مثلهم ، وأن يفعلوا فعل المرتدّ منهم في ارتداده ولحاقه بالمشركين ، وعرّفهم أن من فعل فعله منهم فلن يضرّ إلا نفسه ولن يوبق بردّته غير نفسه ، لأنه المحتاج مع جميع ما في السموات وما في الأرض إلى الله ، والله الغنيّ عنهم . ثم توعدهم في قوله : { إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أيّها النّاسُ وَيأْتِ بآخَرينَ } بالهلاك والاستئصال إن هم فعلوا فعل ابن أبيرق طعمة المرتدّ ، وباستبدال آخرين غيرهم بهم لنصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وصحبته ومؤازرته على دينه ، كما قال في الاَية الأخرى : { وَإنْ تَتَوَلّوْا يَسْتَبْدْل قَوْما غَيْرَكُمْ ثُمّ لا يَكُونُوا أمْثالَكُمْ } .

وقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنها لما نزلت ، ضرب بيده على ظهر سلمان ، فقال : «هُمْ قَوْمُ هَذَا » يعني عجم الفرس¹ كذلك .

حُدثت عن عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم .

وقال قتادة في ذلك بما :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : { إنْ يشأْ يُذْهِبْكُمْ أيّها النّاسُ وَيأْتِ بآخَرِينَ وكانَ اللّهُ على ذَلِكَ قَدِيرا } قادر والله ربنا على ذلك ، أن يهلك من يشاء من خلقه ، ويأتي بآخرين من بعدهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأۡتِ بِـَٔاخَرِينَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرٗا} (133)

قوله تعالى : { أيها الناس } مخاطبة للحاضرين من العرب ، وتوقيف للسامعين لتحضر أذهانهم ، وقوله { بآخرين } يريد من نوعكم ، وروي عن أبي هريرة أنه لما نزلت هذه الآية ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على كتف سلمان الفارسي وقال : هم قوم هذا ، وتحتمل ألفاظ الآية أن تكون وعيداً لجميع بني آدم ، ويكون الآخرون من غير نوعهم ، كما قد روي : أنه كان في الأرض ملائكة يعبدون الله قبل بني آدم ، وقدرة الله تعالى على ما ذكر تقضي بها العقول ببدائهها ، وقال الطبري هذا الوعيد والتوبيخ هو للقوم الذين شفعوا في طعمة بن أبيرق وخاصموا عنه في أمر خيانته في الدرع والدقيق .

قال القاضي أبو محمد - رحمه الله - : وهذا تأويل بعيد واللفظ إنما يظهر حسن رصفه بعمومه وانسحابه على العالم جملة أو العالم الحاضر .