الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأۡتِ بِـَٔاخَرِينَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرٗا} (133)

{ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ } فيميتكم يعني الكفار { وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } يعنى بغيركم خيراً منكم وأطوع { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذلِكَ قَدِيراً } أي مستطيعاً على ذلك .

القادر والقدير عند أصحاب الصفات من له قدرة قائمة به بائن بها عن العاجز ثم يختلف القادرون بعد ذلك فمنهم من تكون قدرته حالّة في بعضه ، ومنهم من تكون قدرته غير موصوفة بالحلول ، والقدرة هي التي يكون بها الفعل من غير ان يموت بموته ولا يموت ويعود للعجز معها .

قالت المعتزلة : القادر هو الذي يجوز منه الفعل ، والدليل على صحة ما قال أصحاب الصفات إن القادر رأيناه مخالفاً للمعاجز فيما قدر عليه وقد بطل أن يخالفه من أجل إنه صفة لموصوف يخالف سائر الموصوفين بها أو يخالف من أجل إنه محدث به خلاف العاجز فلما يتعلق هذه الأقسام صح إنه إنما يخالفه لأن له قدرة ليست للعاجز فلذلك قلنا إن القديم جل جلاله قادر بقدرة دون أن يكون قادر بنفسه .