الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأۡتِ بِـَٔاخَرِينَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرٗا} (133)

قوله تعالى : " إن يشأ يذهبكم " يعني بالموت " أيها الناس " يريد المشركين والمنافقين " ويأت بآخرين " يعني بغيركم . ولما نزلت هذه الآية ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهر سلمان وقال : ( هم قوم هذا ) . وقيل : الآية عامة ، أي وإن تكفروا يذهبكم ويأت بخلق أطوع لله منكم . وهذا كما قال في آية أخرى : " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " {[5014]} [ محمد : 38 ] . وفي الآية تخويف وتنبيه لجميع من كانت له ولاية وإمارة ورياسة فلا يعدل في رعيته ، أو كان عالما فلا يعمل بعلمه ولا ينصح الناس ، أن يذهبه ويأتي بغيره . " وكان الله على ذلك قديرا " والقدرة صفة أزلية ، لا تتناهى مقدوراته ، كما لا تتناهى معلوماته ، والماضي والمستقبل في صفاته بمعنى واحد ، وإنما خص الماضي بالذكر لئلا يتوهم أنه يحدث{[5015]} في ذاته وصفاته . والقدرة هي التي يكون بها الفعل ولا يجوز وجود العجز معها .


[5014]:راجع ج 16 ص 258.
[5015]:في ج: محدث.