تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱسۡتَجِيبُواْ لِرَبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۚ مَا لَكُم مِّن مَّلۡجَإٖ يَوۡمَئِذٖ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٖ} (47)

لما ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة من الأهوال والأمور العظام الهائلة حَذَّر منه وأمر بالاستعداد له ، فقال : { اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ } أي : إذا أمر بكونه فإنه كلمح البصر يكون ، وليس له دافع ولا مانع .

وقوله : { مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ } أي : ليس لكم حصن تتحصنون فيه ، ولا مكان يستركم وتتنكرون فيه ، فتغيبون عن بصره ، تبارك وتعالى ، بل هو محيط بكم بعلمه وبصره وقدرته ، فلا ملجأ منه إلا إليه ، { يَقُولُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ . كَلا لا وَزَرَ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ } [ القيامة : 10 - 12 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱسۡتَجِيبُواْ لِرَبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۚ مَا لَكُم مِّن مَّلۡجَإٖ يَوۡمَئِذٖ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٖ} (47)

وقوله : اسْتَجِيبُوا لِرَبّكُمْ يقول تعالى ذكره للكافرين به : أجيبوا أيها الناس داعيَ الله وآمنوا به واتبعوه على ما جاءكم به من عند ربكم ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدّ لَهُ مِنَ اللّهِ : يقول : لا شيء يردّ مجيئه إذا جاء الله به ، وذلك يوم القيامة ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ يقول جلّ ثناؤه : مالكم أيها الناس من معقل تحترزون فيه ، وتلجأون إليه ، فتعتصمون به من النازل بكم من عذاب الله على كفركم به ، كان في الدنيا وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ يقول : ولا أنتم تقدرون لما يحلّ بكم من عقابه يومئذٍ على تغييره ، ولا على انتصار منه إذا عاقبكم بما عاقبكم به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ قال : من مَحْرَز . وقوله : مِنْ نَكِيرِ قال : ناصر ينصركم .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ تلجأون إليه وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ يقول : من عزّ تعتزون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱسۡتَجِيبُواْ لِرَبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۚ مَا لَكُم مِّن مَّلۡجَإٖ يَوۡمَئِذٖ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٖ} (47)

ثم أمر تعالى نبيه أن يأمرهم بالاستجابة لدعوة الله وشريعته ، وحذرهم إتيان يوم القيامة الذي لا يرد أحد بعده إلى عمل ، والذي لا ملجأ ولا منجى لأحد فيه إلا إلى العلم بالله تعالى والعمل الصالح في الدنيا ، فأخبرهم أنه لا ملجأ لهم ولا نكير . والنكير مصدر بمعنى الإنكار وهو بمنزلة عديدة الحي{[10169]} ونحوه من المصادر ، ويحتمل أن يكون من أبنية اسم الفاعل من نكر ، وإن كان المعنى يبعد به ، لأن نكر إنما معناه لم يميز وظن الأمر غير ما عهده .


[10169]:قيل: هو بمعنى: هات عذرا فيما فعل، قال ذو الإصبع العدواني: عذير الحي من عـــــدوا ن كانوا حية الأرض بغى بعضهم على بعض فلم يرعوا على بعض فقد أضحوا أحـــــــاديث برفع القول والخفض أي: هات عذرا فيما فعل بعضهم ببعض من التباعد والتباغض حتى صاروا أحاديث للناس بعد أن كانوا حية الأرض التي يخشاها كل الناس، وقد ذكر ابن عطية أن (النكير) مصدر مثل (عذير) ونحوه من المصادر.