التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ٱسۡتَجِيبُواْ لِرَبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۚ مَا لَكُم مِّن مَّلۡجَإٖ يَوۡمَئِذٖ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٖ} (47)

قوله تعالى : { اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ( 47 ) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ } .

هاتان آيتان عظيمتان حافلتان بجليل المعاني ، كالتذكير بيوم القيامة وما فيها من شديد الأهوال ، والأمور المخُوفة الجسام . إلى غير ذلك من التنبيه إلى أن نبي الله محمدا صلى الله عليه وسلم ما أرسل إلى الناس وكيلا أو رقيبا . وإنما هو منذر وهاد . وأن الإنسان بسجيته المفطورة على الضعف ، لهو شديد الفرح بالنعمة ، سريع النسيان والجحود إذا دهمته المصائب .

قوله : { اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ } يقول الله لعباده : أجيبوا دعوة الله إليكم ؛ إذْ دعاكم إلى الإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر وحذركم من عصيانه ومخالفة أمره من قبل أن تقوم القيامة وهو حدث كوني هائل رعيب يتزلزل به الوجود كله ولا يره أحد بعد ما قضى الله بحدوثه .

قوله : { مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ } أي ليس لكم حينئذ من مهرب أو معقل تلجأون إليه فتعتصمون به مما هو نازل بكم يوم القيامة { وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ } أي ليس لكم من ناصر ينصركم . وقيل : ليس لكم من إنكار يومئذ ؛ إذ تعترفون بذنوبكم فلا تستطيعون أن تنكروا شيئا مما اقترفتموه من الذنوب في دنياكم .