تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (76)

ثم قال تعالى : { بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى } أي : لكن من أوفى بعهده منكم يا أهل الكتاب الذي عاهدكم الله عليه ، من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث ، كما أخذ العهد والميثاق على الأنبياء وأممهم بذلك ، واتقى محارم الله تعالى واتبع طاعته وشريعته التي بعث بها خاتم رسله{[5204]} وسيد البشر " فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ " .


[5204]:في جـ، ر، أ، و: "الرسل".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (76)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتّقَى فَإِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُتّقِينَ }

وهذا إخبار من الله عزّ وجلّ عمّا لمن أدّى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاءَ الله ومراقبَته عنده . فقال جل ثناؤه : ليس الأمر كما يقول هؤلاء الكاذبون على الله من اليهود ، من أنه ليس عليهم في أموال الأميين حرج ولا إثم ، ثم قال بلى ، ولكن من أوفى بعهده واتقى ، يعني ولكن الذي أوفى بعهده ، وذلك وصيته إياهم ، التي أوصاهم بها في التوراة من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به . والهاء في قوله : { مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ } عائدة على اسم الله في قوله : { وَيَقُولُونَ على اللّهِ الكَذِبَ } يقول : بلى من أوفى بعهد الله الذي عاهده في كتابه ، فآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وصدّق به . بما جاء به من الله من أداء الأمانة إلى من ائتمنه عليها ، وغير ذلك من أمر الله ونهيه ، و{ وَاتّقَى } يقول : واتقى ما نهاه الله عنه من الكفر به وسائر معاصيه التي حرّمها عليه ، فاجتنب ذلك مراقبة وعيد الله ، وخوف عقابه { فإنّ اللّهَ يُحِبّ المُتقينَ } يعني : فإن الله يحبّ الذين يتقونه فيخافون عقابه ، ويحذرون عذابه ، فيجتنبون ما نهاهم عنه ، وحرّمه عليهم ، ويطيعونه فيما أمرهم به . وقد رُوي عن ابن عباس أنه كان يقول : هو اتقاء الشرك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتّقَى } يقول : اتقى الشرك¹ { إنّ اللّهَ يُحِبّ المُتّقِينَ } يقول : الذين يتقون الشرك .

وقد بينا اختلاف أهل التأويل في ذلك والصواب من القول فيه بالأدلة الدالة عليه فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية عن إعادته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (76)

{ بلى } إثبات لما نفوه أي بلى عليهم فيهم سبيل . { من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين } استئناف مقرر للجملة التي سدت { بلى } مسدها ، والضمير المجرور لمن أو لله وعموم المتقين ناب عن الراجع من الجزاء إلى { من } ، وأشعر بأن التقوى ملاك الأمر وهو يعم الوفاء وغيره من أداء الواجبات والاجتناب عن المناهي .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (76)

( بَلى ) حرف جواب وهو مختص بإبطال النفي فهو هنا لإبطال قولهم : { ليس علينا في الأميين سبيل } [ آل عمران : 75 ] .

و ( بلى ) غير مختصّة بجواب الاستفهام المنفي بل يجاب بها عند قصد الإبطال ، وأكثر مواقعها في جواب الاستفهام المنفي ، وجيء في الجواب بحكم عام ليشمل المقصود وغيره : توفيراً للمعنى ، وقصْداً في اللفظ ، فقال : { من أوفى بعهده } أي لم يخن ، لأنّ الأمانة عهد ، { واتقى } ربه فلم يدحَض حق غيره { إنّ الله يحبّ المحسنين } [ المائدة : 13 ] أي الموصوفين بالتقوى ، والمقصود نفي محبة الله عن ضدّ المذكور بقرينة المقام .