البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (76)

{ بلى } جواب لقولهم : { ليس علينا في الأمّيين سبيل } وهذا مناقض لدعواهم ، والمعنى : بلى عليهم في الأمّيين سبيل ، وقد تقدّم القول في : بلى ، في قوله { بلى من كسب سيئة } فأغنى عن إعادته هنا .

{ من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين } أخبر تعالى بأن من أوفى بالعهد واتقى الله في نقضه فهو محبوب عند الله وقال ابن عباس : اتقى هنا معناه اتقى الشرك ، وهذه الجملة مقررة للجملة المحذوفة بعد بلى ، و : من ، يحتمل أن تكون موصولة ، والأظهر أنها شرطية ، و : أوفى ، لغة الحجاز .

و : وفى ، خفيفة لغة نجد و : وفى ، مشدّدة لغة أيضاً .

وتقدّم ذكر هذه اللغات .

والظاهر في : بعهده ، أن الضمير عائد على : من وقيل : يعود على الله تعالى ، ويدخل في الوفاء بالعهد ، العهد الأعظم من ما أخذ عليهم في كتابهم من الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، سواء أضيف العهد إلى : من ، أو : إلى الله ، والشرائط للجملة الخبرية أو الجزائية بمن هو العموم الذي في المتقين ، أو ما قبله ، فرد من أفراده ، ويحتمل أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة المعنى عليه ، التقدير : يحبه الله ، ثم قال { فإن الله يحب المتقين } وأتى بلفظ : المتقين ، عاماً تشريفاً للتقوى دحضاً عليها .

/خ82