تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

وقوله : { وَيَرَى{[24149]} الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ } . هذه حكمة أخرى معطوفة على التي قبلها ، وهي أن المؤمنين بما أنزل على الرسل إذا شاهدوا قيام الساعة ومجازاة الأبرار والفجار بالذي كانوا قد علموه من كتب الله في الدنيا رأوه حينئذ عين اليقين ، ويقولون يومئذ أيضًا : { لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ } [ الأعراف : 43 ] ، ويقال أيضًا : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } [ يس : 52 ] ، { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ } [ الروم : 56 ] ، { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } . العزيز هو : المنيع الجناب{[24150]} ، الذي لا يُغالب ولا يُمَانع ، بل قد قهر كل شيء ، الحميد في جميع أقواله وأفعاله وشرعه ، وقدره ، وهو المحمود في ذلك كله .


[24149]:- في س: "وترى".
[24150]:- في أ: "الجبار".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَرَى الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ هُوَ الْحَقّ وَيَهْدِيَ إِلَىَ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } .

يقول تعالى ذكره : أثبت ذلك في كتاب مبين ، ليجزي الذين آمنوا ، والذين سعوا في آياتنا ما قد بين لهم ، وليرى الذين أوتوا العلم فيرى في موضع نصب عطفا به على قوله : يَجزي ، في قوله : لِيَجْزِيَ الّذِينَ آمَنُوا . وعنى بالذين أوتوا العلم : مسلمة أهل الكتاب كعبد الله بن سلام ، ونظرائه الذين قد قرؤوا كتب الله التي أُنزلت قبل الفرقان ، فقال تعالى ذكره : وليرى هؤلاء الذين أوتوا العلم بكتاب الله الذي هو التوراة ، الكتاب الذي أُنزل إليك يا محمد من ربك هو الحقّ .

وقيل : عني بالذين أوتوا العلم : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَيَرَى الّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رّبّكَ هُوَ الحَقّ قال : أصحاب محمد .

وقوله : وَيهْدِي إلى صِراطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ يقول : ويرشد من اتبعه ، وعمل بما فيه إلى سبيل الله العزيز في انتقامه من أعدائه ، الحميد عند خلقه ، فأياديه عندهم ، ونعمه لديهم . وإنما يعني أن الكتاب الذي أُنزل على محمد يهدي إلى الإسلام .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

{ ويرى الذين أتوا العلم } ويعلم أولو العلم من الصحابة ومن شايعهم من الأمة أو من مسلمي أهل الكتاب . { الذي أنزل إليك من ربك } القرآن . { هو الحق } ومن رفع { الحق } جعل هو مبتدأ و { الحق } خبره والجملة ثاني مفعولي { يرى } ، وهو مرفوع مستأنف للاستشهاد بأولي العلم على الجهلة الساعين في الآيات . وقيل منصوب معطوف على { ليجزي } أي وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق عيانا كما علموه الآن برهانا { ويهدي إلى صراط العزيز الحميد } الذي هو التوحيد والتدرع بلباس التقوى .