البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

قال العتبي : والظاهر أن قوله : { ويرى } استئناف إخبار عمن أوتي العلم ، يعلمون القرآن المنزل عليك هو الحق .

وقيل : ويرى منصوب عطفاً على ليجزي ، وقاله الطبري والثعلبي ؛ وتقدّم الخلاف في { الذين أوتوا العلم } في ذلك المكان الذي نزلت فيه هذه السورة .

وقال الزمخشري : أي وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق علماً لا يزاد عليه في الاتفاق ، ويحتجوا به على الذين كفروا وتولوا .

ويجوز أن يريد : وليعلم من لم يؤمن من الأخيار أنه هو الحق ، فيزداد حسرة وغماً . انتهى .

وإنما قال : عند مجيء الساعة ، لأنه علق ليجزي بقوله : { لتأتينكم } ، فبنى التخريج على ذلك .

وقرأ الجمهور : الحق بالنصب ، مفعولاً ثانياً ليرى ، وهو فصل ؛ وابن أبي عبلة : بالرفع جعل هو مبتدأ والحق خبره ، والجملة في موضع المفعول الثاني ليرى ، وهو لغة تميم ، يجعلون ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ ، قاله أبو عمر الجرمي .

والظاهر أن الفاعل ليهدي هو ضمير الذي أنزل ، وهو القرآن ، وهو استئناف إخبار .

وقيل : هو في موضع الحال على إضمار ، وهو يهدي ، ويجوز أن يكون معطوفاً على الحق ، عطف الفعل على الاسم ، كقوله : { صافات ويقبضن } أي قابضات ، كما عطف الاسم على الفعل في قوله :

فألفيته يوماً يبير عدوه *** وبحر عطاء يستحق المعابرا

عطف وبحر على يبير ، وقيل : الفاعل بيهدي ضمير عائد على الله ، وفيه بعد .