تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا تِلۡكَ بِيَمِينِكَ يَٰمُوسَىٰ} (17)

هذا برهان من الله تعالى لموسى ، عليه السلام ، ومعجزة عظيمة ، وخرق للعادة باهر ، دال{[19237]} على أنه لا يقدر على مثل هذا إلا الله عز وجل ، وأنه لا يأتي به إلا نبي مرسل ، وقوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى } قال بعض المفسرين : إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس له . وقيل : إنما قال له ذلك على وجه التقرير ، أي : أما هذه التي في يمينك عصاك التي تعرفها ، فسترى ما نصنع بها الآن ، { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى } استفهام تقرير .


[19237]:في ف، أ: "باهرة دالة".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا تِلۡكَ بِيَمِينِكَ يَٰمُوسَىٰ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَمُوسَىَ } .

يقول تعالى ذكره : وما هذه التي في يمينك يا موسى ؟ فالباء في قوله بِيَمِينِكَ من صلة تلك ، والعرب تصل تلك وهذه كما تصل الذي ومنه قول يزيد بن مفرغ :

عَدسْ ما لِعَبّادٍ عَلَيْكِ إمارَةٌ *** أمِنْتِ وَهَذَا تَحْمَلِينَ طَلِيقُ

كأنه قال : والذي تحملين طليق .

ولعلّ قائلاً أن يقول : وما وجه استخبار الله موسى عما في يده ؟ ألم يكن عالما بأن الذي في يده عصا ؟ قيل له : إن ذلك على غير الذي ذهبتَ إليه ، وإنما قال ذلك عزّ ذكره له إذا أراد أن يحوّلها حية تسعى ، وهي خشبة ، فنبهه عليها ، وقرّره بأنها خشبة يتوكأ عليها ، ويهشّ بها على غنمه ، ليعرّفه قُدرته على ما يشاء ، وعظم سلطانه ، ونفاذ أمره فيما أحبّ بتحويله إياها حيّة تسعى ، إذا أراد ذلك به ليجعل ذلك لموسى آية مع سائر آياته إلى فرعون وقومه .