قوله تعالى{[23636]} : { واذكر فِي الكتاب } الآية{[23637]} . ( مَا ) مبتدأة{[23638]} استفهامية و ( تِلْكَ ) خبره ، و " بِيَمِينِكَ " متعلق بمحذوف ، لأنه حال كقوله : { وَهَذَا بَعْلِي شَيْخَاً }{[23639]} ، والعامل في الحال المقدرة معنى الإشارةَ{[23640]} وجوَّز الزمخشري أن تكون ( تِلْكَ ) موصولة بمعنى ( التي ) و ( بِيَمِينِكَ ) صلتها{[23641]} . ولم يذكر ابنُ عطية غيره{[23642]} . وهذا ليس مذهب البصريين أنهم لم يجعلوا ( من أسماء ){[23643]} الإشارة موصولاً ( ذَا ) بشروط تقدمت . وأما الكوفيون فيجيزون ذلك جميعها{[23644]} ، ومنه هذه الآية عندهم أي : وَمَا التي بيمينك وأنشدوا{[23645]} :
نَجَوْتَ وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ{[23646]} *** . . .
وقال الفراء معناه : وَمَا هذِهِ التي فِي يمينِكَ{[23647]} .
السؤال إنما يكون لطلب العلم ، وهو على الله تعالى محال . فما فائدة قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ } ؟
والجواب{[23650]} فيه فوائد ، الأولَى{[23651]} : حكمةُ هذا السؤال تنبيهُهُ وتَوْقيفُه على أنها عصا ، حتى إذا{[23652]} قلبها حية عَلِمَ أنها معجزةٌ عظيمةٌ ، وهذا على عادة العرب يقول الرجل لغيره : هَلْ تَعْرِف هَذَا ؟{[23653]} وهو لا يشك أنه يعرفه ، ويريد أن ينضم إقراره بلسانه إلى معرفته بقلبه{[23654]} .
الثانية : أن يقرِّرُ عنده{[23655]} أنها خشبة حتى إذا قلبها ثعباناً لا يخافُها{[23656]} .
الثالثة : أنه تعالى لمَّا أراه الأنوار المتصاعدة من الشجرة إلى السماء ، وأسْمَعَهُ كلام نفسه ، ثم أورد عليه التكليف الشاق ، وذكر له المعاد ، وختم ذلك بالتهديد العظيم ، فتحيَّر موسى - عليه السلام-{[23657]} ودُهِشَ ، ( فقيل له : " وَمَا تِلْكَ بِيَمِينكَ " ، وتكلم معه بكلام البشر إزالةٌ لتلك الدهشة والحيرة ){[23658]} .
هذا خطاب من الله مع موسى بلا واسطة ، ولم يحصل ذلك لمحمد عليه السلام{[23661]} فيلزم أن يكون موسى أفضَل من محمد عليهما السلام{[23662]} .
فالجوابُ : أنَّه تعالى كما{[23663]} خاطبَ موسَى فقد{[23664]} خاطب محمداً في قوله : { فَأَوْحَى إلَى عِبْدِهِ مَا أَوْحَى }{[23665]} إلا أن الفرق أنَّ الذي ذكره مع موسى عليه السلام{[23666]} أفشاه إلى الخلق ، والذي ذكره مع محمد كان سراً لم يستأهل له أحداً من الخلق . وأيضاً إن كان موسى تكلم معه فأمةُ محمد يخاطبون الله تعالى في كل يوم مرات على ما{[23667]} قاله عليه السلام : " المُصَلَّى يُنَاجَي رَبَّهُ " {[23668]} والرَّبُ يتكلم مع آحاد أمة محمد{[23669]} يوم القيامة بالتسليم والتكريم لقوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }{[23670]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.