تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـُٔونَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (69)

ثم قال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } وهم : المسلمون { وَالَّذِينَ هَادُوا } وهم : حملة التوراة { وَالصَّابِئُونَ } - لما طال الفصل حسن العطف بالرفع . والصابئون : طائفة بين{[10125]} النصارى والمجوس ، ليس لهم دين . قاله مجاهد ، وعنه : بين{[10126]} اليهود والمجوس . وقال سعيد بن جبير : بين{[10127]} اليهود والنصارى ، وعن الحسن [ والحكم ]{[10128]} إنهم كالمجوس . وقال قتادة : هم قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون إلى غير القبلة ، ويقرؤون الزبور . وقال وَهْب بن مُنَبّه : هم قوم يعرفون الله وحده ، وليست لهم شريعة يعملون بها ، ولم يحدثوا كفرًا .

وقال ابن وَهْب : أخبرني ابن أبي الزَّنَاد ، عن أبيه قال : الصائبون : قوم مما يلي العراق ، وهم بكوثى ، وهم يؤمنون بالنبيين كلهم ، ويصومون كل سنة ثلاثين يوما ، ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات . وقيل غير ذلك .

وأما النصارى فمعروفون ، وهم حملة الإنجيل .

والمقصود : أن كل فرقة آمنت بالله وباليوم{[10129]} الآخر ، وهو المعاد والجزاء يوم الدين ، وعملت عملا صالحًا ، ولا يكون ذلك كذلك حتى يكون موافقًا للشريعة المحمدية بعد إرسال صاحبها المبعوث إلى جميع الثقلين فمن اتصف بذلك { فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلونه{[10130]} ولا على ما تركوا وراء ظهورهم { وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } وقد تقدم الكلام على نظيراتها في سورة البقرة ، بما أغنى عن إعادته . {[10131]}


[10125]:في ر، أ: "من".
[10126]:في ر، أ: "من".
[10127]:في ر، أ: "من".
[10128]:زيادة من أ.
[10129]:في أ: "واليوم".
[10130]:في أ: "يستقبلون".
[10131]:في أ: "إعادتها هاهنا".