ثم لما بين أن أهل الكتاب ليسوا على شيء ما لم يؤمنوا بيَّن أن هذا الحكم عام في الكل وأنه لا يحصل لأحد منقبة ولا سعادة إلاّ إذا آمن وعمل صالحاً ، وذلك أن كمال القوة النظرية لا يحصل إلاّ بمعرفة المبدأ والمعاد - أعني الإيمان بالله واليوم الآخر - وكمال القوة العملية إنما يحصل بتعظيم المعبود والشفقة على المخلوق - أعني العمل الصالح - وغاية هذا الكمال الخلاص من الخوف مما يستقبل ومن الحزن على ما مضى من طيبات الدنيا لأنهم وجدوا أموراً أعظم وأشرف . وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية في سورة البقرة إلاّ أنه بقي ههنا بحث لفظيّ وهو أن قوله : { والصابئون } عطف على ماذا ؟ فقال الكوفيون : إنه معطوف على محل { الذين } لأن اسم " إن " إذا كان مبنياً جاز العطف على محله ، وإن كان قبل ذكر الخبر فيجوز : إنك وزيد ذاهبان . وإن لم يجز إن زيداً وعمرو قائمان . وذهب البصريون إلى عدم جواز ذلك مطلقاً لأنه يؤدي إلى إعمال " إنّ " وإعمال معنى الابتداء معاً في " قائمان " فيجتمع على المرفوع الواحد رافعان مختلفان وإنه محال . فإذن { الصابئون } مرفوع بالابتداء على نية التأخير كأنه قيل : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا والصابئون كذلك ، فتكون هذه جملة معطوفة على جملة قوله : { إن الذين آمنوا } إلى آخره ولا محل لها كما لا محل للتي عطفت عليها ، وفائدة هذا التقديم التنبيه على أن التوبة مقبولة ألبتة ، وذلك أن الصابئين بين هؤلاء المعدودين ضلال لأنهم صبؤا عن الأديان كلها أي خرجوا فكأنه قال : كل هؤلاء الفرق إذا أتوا بالإيمان والعمل الصالح قبلت توبتهم حتى الصابئون ولو قيل : والصابئين لم يكن من التقديم في شيء لأنه ثابت في مركزه الأصلي وإنما تطلب فائدة التقديم للمزال عن موضعه والراجع إلى اسم " إن " محذوف والتقدير من آمن منهم كما في البقرة والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.