الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِـُٔونَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (69)

قوله تعالى : ( إِنَّ الذِينَ ءَامَنُوا وَالذِينَ هَادُوا ) الآية [ 71 ] .

مذهب الخليل وسيبويه في [ الصَّابون ]( {[17201]} ) أنه رفع على أنه عطف على موضع ( إن ) وما عملت فيه( {[17202]} ) .

وقال الكسائي والأخفش : هو عطف على المضمر في ( هَادُوا )( {[17203]} ) . وهو قول مطعون فيه ، لأنه يلزم أن يكون ( الصَّابُونَ ) دخلوا في اليهودية( {[17204]} ) .

وقال الفراء : / إنما جاز الرفع ، لأن ( الذِينَ ) لا يظهر فيه عمل ( إن ) .

وأجاز الكسائي : إن [ زيدا وعمرو ]( {[17205]} ) . قائمان " قال : لضعف( {[17206]} ) " إن " واستدل بقول الشاعر :

فإني وقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ( {[17207]} ) .

وقال الفراء : لا حجة للكسائي في هذا البيت ، لأن قياراً( {[17208]} ) قد عطف على اسم مكنّىً عنه ، والمكنّى لا يتبيَّن( {[17209]} ) فيه الإعراب ك( الذِينَ ) ، فهل فيه أن يعطف على الموضع( {[17210]} ) .

وقرأ [ سعيد ]( {[17211]} ) بن جبير " والصَّابِينَ " بالنصب( {[17212]} ) ، على ظاهر العربية( {[17213]} ) .

ومعنى الآية : أن الذين آمنوا بألسنتهم ، يعني المنافقين( {[17214]} ) ، واليهود والصّابين والنصارى ، من آمن منهم ، أي : من حقّق الإيمان بمحمد –وما أتى به- بقلبه ، وباليوم الآخر ، وعمل صالحاً ، فلا خوف عليهم( {[17215]} ) . وقيل المعنى : أن الذين آمنوا بألسنتهم وقلوبهم ، من ثبت( {[17216]} ) منهم على الإيمان ( وَعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) أي : لا يخافون يوم القيامة ولا يحزنون( {[17217]} ) .


[17201]:- أ ب: الصابين.
[17202]:- انظر: الكتاب 2/155، ومعاني الزجاج 2/193، وإعراب مكي 233.
[17203]:- انظر: معاني الأخفش 474، وقول الكسائي في معاني الزجاج 2/194.
[17204]:- انظر: معاني الزجاج 2/194.
[17205]:- أ: زيد وعمرو. ج د: زيداً وعمراً.
[17206]:- ب: العطف.
[17207]:- ب: لقريب. وهو قول ضابئ بن الحارث البُرجُمي في الكتاب 1/75، وفي الكامل 1/320 وفيهما صدره: "فَمَن يَكُ أمْسَى بِالمدينة رَحْلُه" وقال أبو عبيدة في "مجازه" 1/172 قبله: "سمعت غير واحد يقل"، وفي اللسان: "قير" أنه قول ضابئ من غير ذكر صدره. هذا وقد ورد في "الكتاب" و"الكامل" لفظة "قياراً" منصوبة بخلاف باقي المصادر المذكورة في هذا التعليق أو التعليق على قول الفراء الأتي. وانظر أحكام القرطبي 6/246 وفيه صدر البيت المذكور في هذا التعليق، و(قيارٌ) مرفوعاً.
[17208]:- مخرومة في "أ" إلاّ المد والتنوين، ب ج د: قيار.
[17209]:- ب: يبين.
[17210]:- انظر: معانيه 1/311، وانظر: رأي الكسائي ورد الفراء عليه في معاني الزجاج أيضاً 2/292، وانظر: هذا الرد في إعراب النحاس 1/510، وإعراب مكي 232 و233، وإعراب ابن الأنباري 1/300، وإعراب العكبري 351.
[17211]:- ساقطة من أ.
[17212]:- انظر: إعراب النحاس 1/509، وهي قراءة عثمان بن عفان وعائشة وأُبَيّ والجحدري أيضاً في المحرر 5/157، وقراءة ابن محيصن في إتحاف فضلاء البشر 1/541.
[17213]:- انظر: المحرر 5/157، والتفسير الكبير 12/51.
[17214]:- انظر: معاني الزجاج 2/194.
[17215]:- د: عليهم ولا حزنا. وانظر: تفسير ابن كثير 2/83.
[17216]:- د: ثبتت.
[17217]:- ب: ينحزنون. وانظر: تفسير الطبري 10/476.