تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَآ أُمَّةٞ يَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ يَعۡدِلُونَ} (181)

يقول تعالى : { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا } أي : ومن الأمم { أُمًّةٌ } قائمة بالحق ، قولا وعملا { يَهْدُونَ بِالْحَقِّ } يقولونه ويدعون إليه ، { وَبِهِ يَعْدِلُونَ } يعملون ويقضون .

وقد جاء في الآثار : أن المراد بهذه الأمة المذكورة في الآية ، هي هذه الأمة المحمدية .

قال سعيد ، عن قتادة في تفسير هذه الآية : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأ هذه الآية : " هذه لكم ، وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها : { وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }{[12431]} [ الأعراف : 159 ]

وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس في قوله تعالى : { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أمتي قومًا على الحق ، حتى ينزل عيسى ابن مريم متى ما نزل " . {[12432]}

وفي الصحيحين ، عن معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ، حتى تقوم الساعة - وفي رواية - : حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك - وفي رواية - : وهم بالشام " {[12433]}


[12431]:رواه الطبري في تفسيره (13/286)، وهو مرسل.
[12432]:رواه الثعلبي في تفسيره كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (1/474).
[12433]:صحيحح البخاري برقم (3641) وصحيح مسلم برقم (1037).