السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَآ أُمَّةٞ يَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ يَعۡدِلُونَ} (181)

ولما ذكر سبحانه وتعالى إنه خلق للنار طائفة ضالين مضلين ملحدين عن الحق ذكر أنه خلق للجنة أمة هادين في الحق عادلين في الأمر بقوله تعالى :

{ وممن خلقنا أمة } أي : جماعة { يهدون بالحق وبه } أي : بالحق خاصة { يعدلون } أي : يجعلون الأمور متعادلة لا زيادة في شيء منها على ما ينبغي ولا نقص ؛ لأنا وفقناهم فكشفنا عن أبصارهم حجاب الغفلة التي ألزمناها أولئك ، واستدل بذلك على صحة الإجماع ؛ لأنّ المراد منه إنّ في كلّ قرن طائفة بهذه الصفة ، وأكثر المفسرين إنهم أمّة محمد صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال من أمتي طائفة على الحق إلى أن يأتي أمر الله ) رواه الشيخان ، وعن معاوية رضي الله تعالى عنه قال وهو يخطب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تزال من أمّتي أمّة قائمة بأمر الله لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) إذ لو اختص بعهد الرسول أو غيره لم يكن لذكره فائدة فإنه معلوم ، وعن الكلبيّ هم الذين آمنوا من أهل الكتاب ، وقيل : هم العلماء والدعاة إلى الدين .