قوله تعالى : { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون }
اعلم أنه تعالى لما قال : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس } فأخبر أن كثيرا من الثقلين مخلوقون للنار أتبعه بقوله : { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } ليبين أيضا أن كثيرا منهم مخلوقون للجنة . واعلم أنه تعالى ذكر في قصة موسى قوله : { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } فلما أعاد الله تعالى هذا الكلام ههنا حمله أكثر المفسرين على أن المراد منه قوم محمد صلى الله عليه وسلم ، روى قتادة وابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها هذه الأمة وروى أيضا أنه عليه الصلاة والسلام قال : «هذه فيهم وقد أعطى الله قوم موسى مثلها » وعن الربيع بن أنس أنه قال : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال : «إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم » وقال ابن عباس يريد أمة محمد عليه الصلاة والسلام المهاجرين والأنصار . قال الجبائي : هذه الآية تدل على أنه لا يخلو زمان البتة عمن يقوم بالحق ويعمل به ويهدي إليه وأنهم لا يجتمعون في شيء من الأزمنة على الباطل ، لأنه لا يخلو إما أن يكون المراد زمان وجود محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الزمان الذي نزلت فيه هذه الآية . أو المراد أنه قد حصل زمان من الأزمنة حصل فيه قوم بالصفة المذكورة ، أو المراد ما ذكرنا أنه لا يخلو زمان من الأزمنة عن قوم موصوفين بهذه الصفة والأول باطل . لأنه قد كان ظاهرا لكل الناس أن محمدا وأصحابه على الحق ، فحمل الآية على هذا المعنى يخرجه عن الفائدة ، والثاني باطل أيضا ، لأن كل أحد يعلم بالضرورة أنه قد حصل زمان ما في الأزمنة الماضية حصل فيه جمع من المحقين ، فلم يبق إلا القسم الثالث . وهو أدل على أنه ما خلا زمان عن قوم من المحقين وأن إجماعهم حجة ، وعلى هذا التقدير فهذا يدل على أن إجماع سائر الأمم حجة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.