فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَآ أُمَّةٞ يَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ يَعۡدِلُونَ} (181)

{ وممن خلقنا } أي من جملة من خلقه الله { أمة } وعصابة وجماعة { يهدون } الناس متلبسين { بالحق } أو يهدونهم بما عرفوه من الحق { وبه } أي بالحق { يعدلون } بينهم قيل هم من هذه الأمة وهم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان قاله ابن عباس .

وعن الكلبي هم من آمن من أهل الكتاب وقيل هم العلماء والدعاة إلى الدين وقيل إنهم الفرقة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين كما ورد في الحديث الصحيح عن معاوية قال وهو يخطب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك{[802]} أخرجه البخاري ومسلم .

وعن ابن جريج قال : ذكر لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : هذه أمتي يحكمون ويقضون ويأخذون ويعطون ، وعن قتادة قال : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا قرأها : هذه لكم وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها ومن قوم موسى أمة الآية{[803]} .

وعن الربيع في الآية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم متى نزل أخرجه ابن أبي حاتم .

وفي الآية دليل على أنه لا يخلو زمان من قائم بالحق يعمل به ويهدي إليه قيل وفيه دلالة على أن إجماع كل عصر حجه ، والبحث في ذلك مفصل في الأصول .


[802]:- مسلم / 1037 البخاري /62.
[803]:- ابن كثير 1/ 269.