تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (71)

لما ذكر [ الله ]{[13619]} تعالى صفات المنافقين الذميمة ، عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة ، فقال : { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } أي : يتناصرون ويتعاضدون ، كما جاء في الصحيح : " المؤمن للمؤمن كالبنان يشد بعضه{[13620]} بعضا " وشبك بين أصابعه{[13621]} وفي الصحيح أيضا : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " {[13622]}

وقوله : { يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } كما قال تعالى : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ آل عمران : 104 ]

وقوله تعالى : { وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } أي : يطيعون الله ويحسنون إلى خلقه ، { وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي : فيما أمر ، وترك ما عنه زجر ، { أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ } أي : سيرحم الله من اتصف بهذه الصفات ، { إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي : عزيز ، من أطاعه أعزه ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، { حَكِيمٌ } في قسمته هذه الصفات لهؤلاء ، وتخصيصه المنافقين بصفاتهم المتقدمة ، فإن له الحكمة في جميع ما يفعله ، تبارك وتعالى .


[13619]:- زيادة من ك.
[13620]:- في ت : "بعضهم".
[13621]:- صحيح البخاري برقم (481) وصحيح مسلم برقم (2585) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
[13622]:- صحيح البخاري برقم (6011) وصحيح مسلم برقم (2586) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.