لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (165)

قوله تعالى : { أو لما أصابتكم مصيبة } يعني ما أصابهم يوم أحد { قد أصبتم مثليها } يعني ببدر وذلك أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد سبعين وقتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين وقيل إن المسلمين هزموا المشركين يوم بدر وهزموهم في أول الأمر يوم أحد ولما عصوا الله ورسوله هزمهم المشركون فحصل انهزام المشركين مرتين وانهزام المسلمين مرة واحدة { قلتم أنّى هذا } أي من أين لنا هذا القتل والهزيمة ونحن المسلمون ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا وهو استفهام إنكار { قل هو من عند أنفسكم } يعني إنما وقعتم فيما وقعتم فيه بشؤم ذنوبكم وهو مخالفتكم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أنه صلى الله عليه وسلم اختار الإقامة في المدينة على الخروج إلى العدو واختاروا هم الخروج إليه وأيضاً أمر الرماة بالإقامة في الموضع الذي عينه لهم فخالفوا وتركوا المركز لأجل الغنيمة فكان ذلك سبب القتل والهزيمة . وروى عبيدة السلماني عن علي بن أبي طالب قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين أن يضربوا أعناق الأسارى وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس فقالوا يا رسول الله عشائرنا وإخواننا بل نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم فقتل منهم يوم أحد سبعون عدد أسارى أهل بدر لم يسنده البغوي وأسنده ابن جرير الطبري فذلك معنى قوله { قل هو من عند أنفسهم } يعني بأخذكم الفداء واختياركم القتل لأنفسكم { إن الله على كل شيء قدير } يعني من نصركم مع الطاعة وترك نصركم مع المخالفة .