الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (165)

{ أصابتكم مُّصِيبَةٌ } يريد : ما أصابهم يوم أحد من قتل سبعين منهم { قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا } يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين . و { لَّمّا } نصب بقلتم . و { أصابتكم } في محل الجرّ بإضافة { لَّمّا } إليه وتقديره : أقلتم حين أصابتكم . و { أنى هذا } نصب لأنه مقول ، والهمزة للتقرير والتقريع .

فإن قلت : علام عطفت الواو هذه الجملة ؟ قلت : على ما مضى من قصة أحد من قوله : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ } ويجوز أن تكون معطوفة على محذوف ، كأنه قيل : أفعلتم كذا وقلتم حينئذ كذا ، أنى هذا : من أين هذا . كقوله تعالى : { أنى لَكِ هذا } [ آل عمران : 7 ] لقوله : { مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } وقوله : { مِنْ عِندِ الله } والمعنى : أنتم السبب فيما أصابكم ، لاختياركم الخروج من المدينة ، أو لتخليتكم المركز . وعن عليّ رضي الله عنه : لأخذكم الفداء من أسارى بدر قبل أن يؤذن لكم { إِنَّ الله على كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ } فهو قادر على النصر وعلى منعه ، وعلى أن يصيب بكم تارة ويصيب منكم أخرى .