/ ثم كرر عليهم سبحانه أن هذا الذي أصابهم بما أتوا فيه من قبل أنفسهم وبسبب أعمالهم فقال :
( أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير165 ) .
( أو لما أصابتهم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ) الهمزة للتقريع والتقرير ، والواو عاطفة للجملة على ما سبق من قصة أحد ، أو على محذوف مثل : أفعلتم كذا وقلتم . و ( لما ) ظرفه المضاف إلى أصابتكم ، أي حين أصابتكم مصيبة ، وهي قتل سبعين منكم يوم أحد ، والحال أنكم نلتم ضعفيها يوم بدر من قتل سبعين منهم وأسر سبعين : من أين هذا أصابنا وقد وعدنا الله النصر ( قل هو من عند أنفسكم ) أي مما اقترفته أنفسكم من مخالفة الأمر بترك المركز ، فان الوعد كان مشروطا بالثبات والمطاوعة . قال ابن القيم : وذكر سبحانه هذا بعينه فيما هو أعم من ذلك في السورة المكية فقال : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) . وقال : ( وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) فالحسنة والسيئة هاهنا النعمة والمصيبة ، فالنعمة من الله من بها عليك ، والمصيبة إنما نشأت من قبل نفسك وعملك ، فالأول فضله ، والثاني عدله ، والعبد يتقلب بين فضله وعدله ، جار عليه فضله ، ماض فيه حكمه ، عدل فيه قضاؤه . وختم الآية الأولى بقوله : ( إن الله على كل شيء قدير ) بعد قوله : ( قل هو من عند أنفسكم ) . إعلاما لهم بعموم قدرته مع عدله ، وأنه عادل قادر ، وفي ذلك إثبات القدر والسبب ، فذكر السبب وأضافه إلى نفوسهم ، وذكر عموم القدرة وأضافها إلى نفسه ، فالأول / ينفي الجبر ، والثاني ينفي القول بإبطال القدر ، فهو شاكل قوله : ( لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) وفي ذكر قدرته هاهنا نكتة لطيفة ، وهي أن هذا الأمر بيده وتحت قدرته ، وأنه هو الذي لو شاء لصرفه عنكم ، فلا تطلبوا كشف أمثاله من غيره ، ولا تتكلوا على سواه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.