لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَيَقۡتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (21)

قوله عز وجل : { إن الذين يكفرون بآيات الله } يعني يجحدون القرآن وينكرونه وهم اليهود والنصارى { ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس } كان أنبياء بني إسرائيل يأتيهم الوحي ولم يكن يأتيهم كتاب لأنهم كانوا ملتزمين بأحكام التوراة ، فكانوا يذكرون قومهم فيقتلونهم فيقوم رجال ممن آمن بهم وصدقهم فيذكرونهم ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فيقتلونهم أيضاً ، فهم الذين يأمرون بالقسط يعني بالعدل من الناس . روى البغوي بسند الثعلبي " عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قلت : يا رسول الله أي الناس أشد عذاباً يوم القيامة ؟ قال : رجل قتل نبياً أو رجلاً أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس } إلى أن انتهى إلى قوله { وما لهم من ناصرين } ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة ، فقام مائة واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوهم جميعاً من آخر النهار في ذلك اليوم فهم الذين ذكرهم الله في كتابه وأنزل الآية فيهم " . { فبشرهم بعذابٍ أليم } إنما دخلت الفاء في قوله فبشرهم مع أنه خبر إن لأنه في معنى الجزاء والتقدير من كفر فبشرهم بعذاب أليم يوم القيامة ، وهذا محمول على الاستعارة وهو أن إنذار الكفار بالعذاب قام مقام بشرى المحسنين بالثواب ، وفي هذه الآية توبيخ لليهود الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان أسلافهم الذين قتلوا الأنبياء لأنهم رضوا بفعلهم .