غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَيَقۡتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (21)

12

ثم وصف المتولي بصفات ثلاث وأردفه بوعيده فقال : { إن الذين يكفرون بآيات الله } أي ببعضها المعهود لأن اليهود كانوا مقرين ببعض الآيات الدالة على وجود الصانع وقدرته وعلمه وشيء من المعاد أو بكلها كما هو ظاهر الجمع المضاف ، وتوجيهه أن المكذب ببعض آيات الله كالكافر بجميعها { ويقتلون النبيين } أي المعهودين لأنهم ما قتلوا كلهم ولا أكثرهم { بغير حق } من غير ما شبهة عندهم { ويقتلون } أو يقاتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس . عن الحسن أن في الآية دلالة على أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر تلي منزلته عند الله منزل الأنبياء فلهذا ذكرهم عقيبهم . " وروي أن رجلاً قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أيّ الجهاد أفضل ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " فإن قيل : إذا كان قوله : { إن الذين يكفرون } في حكم المستقبل لا أقل من الحال لأنه وعيد لمن هو في زمن رسول الله ، ولم يقع منهم قتل الأنبياء ولا القائمين بالقسط ، فكيف يصح الكلام ؟ قلنا : إن القوم كانوا يريدون قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين جميعاً ، إلا أنه تعالى عصمهم منهم فصح إطلاق القاتل عليهم كما يقال : السم قاتل أي ذلك من شأنه إن وجد القابل . أو نقول : وصفوا بسيرة أسلافهم لأنهم راضون بذلك . عن أبي عبيدة بن الجراح قلت : يا رسول الله أيّ الناس أشد عذاباً يوم القيامة ؟ قال : رجل قتل نبياً أو رجلاً أمر بمعروف ونهى عن منكر ثم قرأ هذه الآية .

ثم قال : يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة . فقام مائة واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل فأمروا قتلتهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعاً من آخر النهار { فبشرهم بعذاب أليم } إنما دخلت الفاء لتضمن اسم " إن " معنى الشرط ، فإن لا يغير معنى الابتداء بخلاف " ليت " و " لعل " .

/خ25