قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ } : لَمَّا ضُمِّن هذا الموصولُ معنى الشرطِ دَخَلَتِ الفاءُ في خبرِه ، وهو قولُه : فبشِّرْهُم ، وهذا هو الصحيحُ ، أعني أنه إذا نُسِخَ المبتدأُ ب " إنَّ " فجوازُ دخولِ الفاءِ باقٍ ، لأن المعنى لم يتغيَّرْ ، بل ازدادَ تأكيداً ، وخَالَف الأخفشُ فمنعَ دخولَها مع نَسْخِه ب " إنَّ " ، والسماعُ حُجَّةٌ عليه كهذِه الآية ، وكقوله : { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } [ البروج : 10 ] الآية ، وكذلك إذا نُسِخَ ب " لكنَّ " كقوله :
فوالله ما فَارَقْتُكُمْ عن مَلالةٍ *** ولكنَّ ما يُقْضَى فسوف يكون
وكذلك إذا نُسِخَ ب " أنَّ " المفتوحة كقوله تعالى : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ [ خُمُسَهُ ] } [ الأنفال : 41 ] ، أمَّا إذا نُسِخَ بليت ولعل وكان امتنعتِ الفاءُ عند الجميعِ لتغيُّرِ المعنى .
قوله : { وَيَقْتُلُونَ } قرأ حمزة " ويُقاتلِون " من المقاتلة ، والباقون : " ويَقْتُلون " كالأولِ ، فأمَّا قراءةُ حمزةَ فإنه غايَرَ فيها بين الفعلين وهي موافقةٌ لقراءةِ عبد الله : " وقاتِلوا " من المقاتلة ، إلاَّ أنَّه أتى بصيغةِ الماضي ، وحمزةُ يُحْتمل أن يكونَ المضارعُ في قراءتِه لحكاية الحالِ ومعناه المضيُّ . وأمَّا الباقون فقيل في قراءتهم : إنما كَرَّر الفعلَ لاختلافِ متعلَّقه ، أو كُرِّر تأكيداً ، وقيل : المرادُ بأحدِ القَتْلين تفويتُ الروحِ وبالآخرِ الإِهانةُ ، فلذلك ذَكَر كلَّ واحدٍ على حِدَتِه ، ولولا ذلك لكان التركيبُ " ويقتلون النبيين والذين يَأْمُرون " .
وقرأ الحسن : " ويُقَتِّلون " بالتشديد ومعناه التكثيرُ ، وجاء هنا " بغيرِ حق " مُنَكَّراً ، وفي البقرة { بِغَيْرِ الْحَقِّ } [ الآية : 61 ] مُعَرَّفاً قيل : لأنَّ الجملةَ هنا أُخْرِجَتْ مُخْرَجَ الشرطِ ، وهو عامٌ لا يتخصَّصُ فلذلك ناسَبَ أن تُنَكَّر في سياقِ النفي ليعُمَّ ، وأمَّا في البقرةِ فجاءَتْ الآيةُ في ناسٍ مَعْهودين مُشَخَّصِين بأعيانِهم ، وكانُ الحقُّ الذي يُقْتَلُ به الإِنسانُ معروفاً عندهم فلم يُقْصَدْ هذا العمومُ الذي هنا ، فَجِيءَ في كلَّ مكان بما يناسِبُه . قوله :
" من الناس " : إمَّا بيانٌ وإمَّا للتبعيض ، وكلاهما معلومٌ أنهم من الناسِ ، فهو جارٍ مَجْرى التأكيدِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.