تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَيَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَيَقۡتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (21)

الآية 21 وقوله تعالى : { إن الذين يكفرون بآيات الله } قيل : { بآيات الله } التي في كتابهم من بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وصفته ، وقيل : { بآيات الله } بالقرآن /56- ب/ وبمحمد صلى الله عليه وسلم { ويقتلون النبيين بغير حق } يحتمل { ويقتلون } أي يهمون ، ويؤيدون قتلهم ، كقوله : { فإن قتلوكم فاقتلوهم } [ البقرة : 191 ] . فلو كان على حقيقة القرآن ، وكقوله : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } [ المائدة : 6 ] كذا ، أي إذا أردتم أن تقوموا للصلاة لأنه إذا قام إلى الصلاة ، لم يقدر على الغسل ، فكذلك الأول ، ويحتمل أن يريد الرضا بقتل آبائهم الأنبياء ، وقيل : جاء أنهم كانوا يقتلون ألف نبي كل يوم ، قال : لا أعرف هذا ، فإن صح فهو على أنهم تمنوا ذلك ، وقتلوا نبيا وأنصاره فسموا أنبياء لما كان ينبئ بعضهم بعضا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } لو كان أراد آباءهم كيف يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالبشارة ، وهم موتى ؟ دل هذا على أن التأويل هو الأول : أن هموا بقتلهم ، ورضوا بصنيع آبائهم ، والله أعلم .

والبشارة المنطلقة إنما تستعمل في السرور والخيرات خاصة ، إلا تكون مقيدة ، فحينئذ يجوز في غيرها كقوله : { فبشرهم بعذاب أليم } قيد هذا هنا . لذلك قال أصحابنا : رحمهم الله ، أن ليست الحقائق أولى من المجاز ، ولا الظاهر أولى من المجاز ، ولا الظاهر أولى من الباطن إلا بالدليل على ما صرفت أشياء كثيرة عن حقائقها بالعرف من نحو الأيمان وغيرها .