لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَاۚ فَأَنَّىٰ لَهُمۡ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ ذِكۡرَىٰهُمۡ} (18)

قوله عز وجل : { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة } يعني الكافرين والمنافقين الذين قعدوا عن الإيمان فلم يؤمنوا فالساعة بغتة تفجؤهم وهم على كفرهم ونفاقهم ففيه وعيد وتهديد والمعنى لا ينظرون إلى الساعة والساعة آتية لا محالة وسميت القيامة ساعة لسرعة قيامها .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بادروا بالأعمال سبعاً فهل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مقيداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر » أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن . وقوله تعالى : { فقد جاء أشراطها } أي أماراتها وعلاماتها واحدها شرط .

ولما كان قيام الساعة أمراً مستبطأ في النفوس وقد قال الله تعالى : فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فكأن قائلاً قال متى يكون قيام الساعة فقال تعالى : { فقد جاء أشراطها } قال المفسرون : من أشراط الساعة انشقاق القمر وبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ق ) . عن سهل بن سعد قال : «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بأصبعه هكذا الوسطى والتي تلي الإبهام وقال : بعثت أنا والساعة كهاتين وفي رواية قال بعثت أنا والساعة كهاتين ويشير بأصبعيه يمدهما » ( ق ) عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين كفضل أحدهما على الأخرى وضم السبابة والوسطى وفي رواية قال بعثت في نفس الساعة فسبقتها كفضل هذه على الأخرى » قيل معنى الحديث أن المراد أن ما بين مبعثه صلى الله عليه وسلم وقيام الساعة شيء يسير كما بين الإصبعين في الطول وقيل هو إشارة إلى قرب المجاورة ( ق ) عن أنس قال عند قرب وفاته ألا أحدثكم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم به أحد غيري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا تقوم الساعة أو قال من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويفشو الزنى ويذهب الرجال ويبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم . وفي رواية ويظهر الزنى ويقل الرجال ويكثر النساء » ( ق ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن من أشراط الساعة أن يتقارب الزمان وينقص العلم وتظهر الفتن ويبقى الشح ويكثر الهرج قالوا وما الهرج قال القتل وفي رواية : يرفع العلم ويثبت الجهل أو قال ويظهر الجهل » ( خ ) عن أبي هريرة قال : «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم إذ جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم : بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين السائل عن الساعة قال : ها أنا ذا يا رسول الله قال : إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال وكيف إضاعتها ؟ قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة » .

وقوله تعالى : { فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } يعني فمن أين لهم التذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة بغتة . وقيل : معناه كيف يكون حالهم إذا جاءتهم الساعة فلا تنفعهم الذكرى ولا تقبل منهم التوبة ولا يحتسب بالإيمان في ذلك الوقت .