لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (43)

قوله عز وجل : { إذ يريكهم الله } يعني : واذكر يا محمد نعمة الله عليك إذ يريك المشركين { في منامك } يعني في نومك { قليلاً } قال مجاهد : أراهم الله في منامه قليلاً فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك وكان ذلك تثبيتاً . وقال محمد بن إسحق : فكان ما أراه الله من ذلك نعمة من نعمه عليهم يشجعهم بها على عدوهم ، فكف عنهم بها ما تخوف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم . وقيل : لما أرى الله النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش في منامه قليلاً فأخبر بذلك أصحابه قالوا : رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق فصار ذلك سبباً لجراءتهم على عدوهم وقوة لقلوبهم . وقال الحسن : إن هذه الإراءة كانت في اليقظة . والمراد من المنام ، العين ، لأنها موضع النوم { ولو أراكهم كثيراً لفشلتم } يعني لجبنتم والفشل ضعف مع جبن والمعنى ولو أراكهم كثيراً فذكرت ذلك لأصحابك لفشلوا وجبنوا عنهم { ولتنازعتم في الأمر } يعني اختلفتم في أمر الإقدام عليهم أو الإحجام عنهم وقيل معنى التنازع في الأمر الاختلاف الذي تكون معه مخاصمة ومجادلة ومجاذبة كل واحد إلى واحد إلى ناحية والمعنى : لاضطرب أمركم واختلفت كلمتكم { ولكن الله سلم } يعني : ولكن الله سلمكم من التنازع والمخالفة فيما بينكم وقيل : معناه ولكن الله سلمكم من الهزيمة والفشل { إنه عليم بذات الصدور } يعني أنه تعالى يعلم ما يحصل في الصدور من الجراءة والجبن والصبر والجزع . وقال ابن عباس : أنه عليم بما في صدوركم من الحب لله عز وجل .