فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (43)

{ إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر } المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم في منامه قليلا فقص ذلك على أصحابه ، فكان ذلك سببا لثباتهم ، قاله مجاهد ولو رآهم في منامه كثيرا لفشلوا وجبنوا عن قتالهم وتنازعوا في الأمر هل يلاقونهم أم لا ، والمضارع بمعنى الماضي لأن نزول الآية كان بعد الإراءة .

{ ولكن الله سلم } وعصمهم من الفشل والتنازع فقللهم في عين رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، قال ابن عباس : { سلّم } أي أتم يقول سلم لهم أمرهم حتى أظهرهم على عدوهم ، وقيل عنى بالمنام محل النوم وهي العين أي في موضع منامك وهو عينك ، روي ذلك عن الحسن ، قال الزجاج : هذا مذهب حسن ، ولكن الأول أسوغ في العربية لقوله : { وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم } فدل بهذا على أن هذه رؤية الالتقاء وتلك رؤية النوم .

{ إنه عليم بذات الصدور } أي ما يحصل لها من الجراءة والجبن والجزع ، وقيل بما فيه من الحب لله عز وجل ، قاله ابن عباس .