لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَمَا لَهُمۡ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمۡ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَمَا كَانُوٓاْ أَوۡلِيَآءَهُۥٓۚ إِنۡ أَوۡلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (34)

وقوله سبحانه وتعالى : { وما لهم ألا يعذبهم الله } يعني أي شيء يمنعهم من أن يعذبهم يعني بعد خروجك من بين أظهرهم ، لأنه سبحانه وتعالى بيَّن في الآية الأولى أنه لا يعذبهم وهو مقيم فيهم بين أظهرهم وبيَّن في هذه الآية أنه معذبهم . ثم اختلفوا في هذا العذاب فقيل : هو القتل والأسر يوم بدر . وقيل : أراد به عذاب الآخرة . وقيل : أراد بالعذاب الأول عذاب الاستئصال وأراد بالعذاب الثاني : العذاب بالسيف . وقيل : أراد بالعذاب الأول عذاب الدنيا وبهذا العذاب عذاب الآخرة .

وقال الحسن : الآية الأولى وهو قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم منسوخة بقوله وما لهم ألا يعذبهم الله وفيه بعد لأن الأخبار لا يدخلها النسخ ثم بين ما لأجله يعذبهم فقال تعالى : { وهم يصدون عن المسجد الحرام } يعني وهم يمنعون المؤمنين عن الطواف بالبيت وذلك حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت الحرام عام الحديبية { وما كانوا أولياءه } قال الحسن : كان المشركون يقولون نحن أولياء المسجد الحرام فرد الله عليهم بقوله وما كانوا أولياءه يعني ليسوا أولياء المسجد الحرام { إن أولياؤه إلا المتقون } يعني المؤمنين الذين يتقون الشرك { ولكن أكثرهم } يعني المشركين { لا يعلمون } ذلك قوله عز وجل : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } .