فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (43)

إذ منصوب بفعل مقدّر : أي اذكر أو هو بدل ثان من يوم الفرقان . والمعنى : أن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم في منامه قليلاً ، فقصّ ذلك على أصحابه ، فكان ذلك سبباً لثباتهم . ولو رآهم في منامه كثيراً ، لفشلوا وجبنوا عن قتالهم وتنازعوا في الأمر ، هل يلاقونهم أم لا ؟ { ولكن الله سَلَّمَ } أي سلمهم وعصمهم من الفشل والتنازع ، فقللهم في عين رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام . وقيل : عني بالمنام محل النوم ، وهو العين : أي في موضع منامك وهو عينك ، روي ذلك عن الحسن . قال الزجاج : هذا مذهب حسن ، ولكنّ الأوّل أسوغ في العربية لقوله : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التقيتم فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ } فدلّ بهذا على أن هذه رؤية الالتقاء ، وأن تلك رؤية النوم .