{ إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكّن الله سلم إنه عليم بذات } الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وتظاهرت الروايات أنها رؤيا منام رأى الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الكفار قليلاً فأخبر بها أصحابه فقويت نفوسهم وشجعت على أعدائهم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين انتبه : « أبشروا لقد نظرت إلى مصارع القوم » والمراد بالقلّة هنا قلة القدر واليأس والنجدة وأنهم مهزومون مصروعون ولا يحمل على قلة العدد لأنه صلى الله عليه وسلم رؤياه حق وقد كان علم أنهم ما بين تسعمائة إلى ألف فلا يمكن حمل ذلك على قلّة العدد وروي عن الحسن أن معنى { في منامك } في عينك لأنها مكان النوم كما قيل للقطيفة المنامة لأنه ينام فيها فتكون الرؤية في اليقظة وعلى هذا فسّر النقاش وذكره عن المازني وما روي عن الحسن ضعيف ، قال الزمخشري وهذا تفسير فيه تعسّف وما أحسب الرواية فيه صحيحة عن الحسن وما يلائم علمه بكلام العرب وفصاحته والمعنى : { ولو أراكهم } في منامك { كثيراً لفشلتم } أي لخرتم وجبنتم عن اللقاء { ولتنازعتم في الأمر } أي تفرّقت آراؤكم في أمر القتال فكان يكون ذلك سبباً لانهزامكم وعدم إقدامكم على قتال أعدائكم لأنه لو رآهم كثيراً أخبركم برؤياه ففشلتم ولما كان الرسول عليه السلام محميّاً من الفشل معصوماً من النقائص أسند الفشل إلى مَن يمكن ذلك في حقّه فقال تعالى { لفشلتم } وهذا من محاسن القرآن ولكن الله سلم من الفشل والتنازع والاختلاف بإرايته له صلى الله عليه وسلم الكفار قليلاً فأخبرهم بذلك فقويت به نفوسهم { إنه عليم بذات الصدور } يعلم ما سيكون فيها من الجرأة والجبن والصبر والجزع { وإذ } بدل من { إذ } وانتصب { قليلاً } .
قال الزمخشري على الحال وما قاله ظاهر لأنّ أرى منقولة بالهمزة من رأى البصرية فتعدت إلى اثنين الأوّل كاف خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، والثاني ضمير الكفار فقليلاً وكثيراً منصوبان على الحال وزعم بعض النحويين أن أرى الحلمية تتعدى إلى ثلاثة كأعلم وجعل من ذلك قوله تعالى : { إذ يريكم الله في منامك قليلاً } فانتصاب قليلاً عنده على أنه مفعول ثالث وجواز حذف هذا المنصوب اقتصاراً يبطل هذا المذهب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.