بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (43)

قوله تعالى :

{ إِذْ يُرِيكَهُمُ الله فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً } ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أن العدو قليل قبل أن يلتفوا ، فأخبر أصحابه بما رأى في المنام أن العدو قليل ، فقالوا : رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق والقوم القليل . فلما التقوا ببدر قلّل المشركين في أعين المؤمنين لتصديق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم .

ثم قال : { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ } ، يعني لجبنتم وتركتم الصف ، { ولتنازعتم فِى الأمر } ؛ يعني اختلفتم في أمر النبي صلى الله عليه وسلم . { ولكن الله سَلَّمَ } ، يعني ولكن الله أتمّ للمسلمين أمرهم على عدوهم ، ويقال : { سلَّم } يعني قضى بالهزيمة على الكفار والنصرة للمؤمنين ، ويقال : { إذ يريكهم الله في منامك قليلاً } يعني في عينك ، لأن العين موضع النوم ، أي في موضع منامك . وروي عن الحسن قال : معناه في عينيك التي تنام بها . ثم قال : { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } ، يعني إني عالم بسرائركم .