لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

قوله سبحانه وتعالى : { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } قال المفسرون : لما نزلت الآيات المتقدمة في المنافقين وبان نفاقهم وظهر للمؤمنين جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه ويقولون استغفر لنا فنزلت استغفر لهم أو لا تستغفر فلن يغفر الله لهم وإنما خص سبحانه وتعالى السبعين من العدد بالذكر لأن العرب كانت تستكثر السبعين ولهذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صلى على عمه حمزة رضي الله تعالى عنه سبعين تكبيرة ولأن آحاد السبعين سبعة وهو عدد شريف فإن السماوات والأرضين سبع والأيام سبع والأقاليم سبع والبحار سبع والنجوم السيارة سبع فلهذا خص الله تبارك وتعالى السبعين بالذكر للمبالغة في اليأس من طمع المغفرة لهم . قال الضحاك ولما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله قد رخص لي فسأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم » فأنزل الله سبحانه وتعالى سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم فلن يغفر الله لهم ( ق ) عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله يعني بن أبي بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله نصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نما خيرني الله عز وجل فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيد على السبعين » قال إنه منافق فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل ولا تصلي على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون زاد في رواية فترك الصلاة عليهم .

وقوله سبحانه وتعالى : { ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله } يعني أن هذا الفعل من الله وهو ترك العفو عنهم وترك المغفرة لهم من أجل أنهم اختاروا الكفر على الإيمان بالله ورسوله { والله لا يهدي القوم الفاسقين } يعني والله لا يوافق للإيمان به وبرسوله من اختار الكفر والخروج عن طاعة الله وطاعة رسوله .