غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

80

التفسير : عن ابن عباس أن عند نزول الآية الأولى في المنافقين قالوا : يا رسول الله استغفر لنا واشتغل بالاستغفار لهم فنزل { استغفر لهم } الآية ، ومن المفسرين من قال : إنهم طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم وإن الله نهاه عنه . والنهي عن الشيء لا يدل على أن المنهي أقدم على ذلك الفعل . ثم إن الدليل قد يدل على أنه ما اشتغل بالاستغفار لأن المنافق كافر ، وقد ظهر في شرعه أن الاستغفار للكافر غير جائز ، ولأن الاستغفار للمنافق يجري مجرى إغرائه على مزيد النفاق ولأنه يلزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم غير مجاب الدعوة وإن أكثر في الدعاء . ومن الفقهاء من قال : التخصيص بالعدد المعين يدل على أن الحال فيما وراء ذلك العدد بخلافه لما روي أنه لما نزلت الآية قال صلى الله عليه وسلم : «لأزيدن على السبعين » فنزل { سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } [ المنافقون : 6 ] فكف عنه . فلولا أنه فهم بدليل الخطاب أن الأمر فيما وراء السبعين بالخلاف لم يقل لأزيدنّ على ذلك . وأجيب بأنه أراد إظهار الرحمة والرأفة بأمته ودعاء لهم إلى ترحم بعضهم لبعض لا أنه فهم منه ذلك ، كيف وقد قال تعالى { لن يغفر الله لهم } وأردفه بقوله { ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله } . فليس المقصود بهذا العدد تحديد المنع وإنما هو كقول القائل لمن يسأله حاجة : لو سألتني سبعين مرة لم أقضها . ولهذا بين العلة التي لأجلها لا ينفعهم استغفار الرسول وهي كفرهم وفسقهم ، وهذا المعنى قائم في الزيادة على السبعين . وذكر بعضهم لتخصيص السبعين وجهاً هو أن السبعة عدد شريف لأنه عدد السموات والأرضين والبحار والأقاليم والنجوم السيارة والأعضاء وأيام الأسبوع ، فضرب السبعة في عشرة لأن الحسنة بعشر أمثالها . وقيل : خص بالذكر لأنه صلى الله عليه وسلم كبّر على حمزة سبعين تكبيرة وكأنه قال : إن تستغفر لهم سبعين مرة بإزاء تكبيراتك على حمزة : هذا وقد مر في تفسير قوله { قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً } [ التوبة : 53 ] أن هذا أمر في معنى الخبر كأنه قيل : لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لا ، وانتصاب سبعين على المصدر كقولك : ضربته عشرين ضربة .

/خ89