الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

ثم قال { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ } يعني لهؤلاء المنافقين { أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } لفظه [ أمر ومعناه ] جزاء تقديره : إن أستغفرت لهم أو لم تستغفر لهم { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } والسبعون عند العرب غاية تستقصا بالسبعة ، والأعضاء ، والسبعة تتمة عدد الخلق ، كالسموات والأرض والبحار والأقاليم .

ورأيت في بعض التفاسير : إن تستغفر لهم سبعين مرّة بأزاء صلواتك على [ قبر ] حمزة لن يغفر الله لهم .

قال الضحاك : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنِّ الله قد رخّص لي فسأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم " .

فأنزل الله عزّ وجلّ :

{ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } [ المنافقون : 6 ] .

وذكر عروة بن الزبير أن هذه الآيات نزلت في عبد الله بن أُبي حين قال لأصحابه : لولا أنكم تنفقون على محمد وأصحابه لانفضّوا من حوله ، ثمّ قال : { لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ } [ المنافقون : 8 ] . فأنزل الله تعالى { اسْتَغْفِرْ } . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأزيدن على السبعين " فأنزل الله :

{ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } [ المنافقون : 6 ] فأبى الله أن يغفر لهم { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ *