تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

{ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات } قال قتادة : " ذكر لنا أن عبد الرحمن بن عوف جاء بنصف ماله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبه قال : يا رسول الله ، هذا نصف مالي أتيتك به ، وتركت نصفه لعيالي ، فدعا الله أن يبارك له فيما أعطى وفيما أمسك ، فلمزه المنافقون ، قالوا : ما أعطى هذا إلا سمعة ورياء ، وأقبل رجل من فقراء المسلمين من الأنصار يقال له : أبو عقيل ؛ فقال : يا رسول الله ، بت الليلة أجر الجرير على صاعين من تمر ؛ فأما صاع فأمسكه لأهلي ، وأما صاع فهذا هو ، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم خيرا ، فقال المنافقون : والله إن كان الله ورسوله لغنيين عن صاع أبي عقيل ، فأنزل الله –سبحانه- هذه الآية إلى قوله : { والله لا يهدي القوم الفاسقين }{[431]} .

قال قتادة : " لما نزل في هذه الآية { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد خيرني ربي ، فوالله لأزيدنهم على السبعين . فأنزل الله -عز وجل- في سورة المنافقين : { سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم } الآية [ المنافقون : 6 ] " {[432]} .

قال محمد : وقوله عز وجل : { والذين لا يجدون إلا جهدهم } يعني : طاقتهم ، الجهد الطاقة ، والجهد -بفتح الجيم- : المشقة ؛ يقال : فعلت ذلك بجهد ؛ أي : بمشقة . وقوله -عز وجل- : { سخر الله منهم } أي : جازاهم جزاء السخرية .


[431]:أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (2/283 / 284) وعزاه الحافظ السيوطي لابن عساكر. انظر/ الدر المنثور (3/284).
[432]:انظر/ الدر المنثور للسيوطي (3/286).