بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

فلما نزلت هذه الآية { الذين يَلْمِزُونَ المطوعين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصدقات وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُم فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ الله مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله استغفر لنا فنزل : { استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } : اللفظ لفظ الأمر ومعناه معنى الخبر ، أي إن شئت { استغفر لهم } ، وإن شئت فلا تستغفر لهم ، يعني : للمنافقين .

{ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ } ، ثم بَيَّنَ المعنى الذي لم يغفر لهم بسببه ، فقال تعالى : { ذلك بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَرَسُولِهِ } ، يعني : في السر . وقال قتادة ومجاهد : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لأزِيدَنَّ عَلَى سَبْعِينَ مرة فاستغفر لهم ، أكثر من سبعين مرة لعل الله يغفر لهم " فأنزل الله تعالى : { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الفاسقين } [ المنافقون : 6 ] ثم قال تعالى : { والله لاَ يَهْدِى القوم الفاسقين } ، يعني : المنافقين الذين كفروا بالله ورسوله في السر ، والله تعالى لا يهديهم ما داموا ثابتين على النفاق .