وقوله تعالى : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) قال عامة أهل التأويل إنه لما مات عبد الله بن أبي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه فأخذ عمر بن الخطاب بثوبه ، فقال : ما أمرك الله بهذا ؛ قال : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) فقال : «قد خيرني ربي ، فقال : افعل أو لا تفعل »[ ابن جرير الطبري في تفسيره10/200 ] .
وفي بعض الروايات قال له عمر : لا تستغفر فإن الله قد نهاك ، فقال : «يا عمر أفلا أستغفر إحدى وسبعين مرة » ؟ [ السيوطي في الدر المنثور 4/252 ] أو كلاما نحو هذا . فأنزل الله عند ذلك : ( سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم )[ المنافقون : 6 ] .
لكن هذا يبعد ؛ يفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآية التخيير وعمر يمنعه عن ذلك ، ولا يجوز أن يفهم التخيير في ذلك أو يخرج ذلك على التحذير ، أو تكون هذه منسوخة بالتي في المنافقين لأنه وعيد ، والوعيد لا يحتمل النسخ .
والوجه فيه والله أعلم : إن استغفرت لهم فإن استغفارك ليس بالذي يرى ، فلا يجاب ، لكنهم قوم كفروا بالله ورسوله ، وقد تعلم من حكمي أن لا أغفر لمن[ في الأصل من ] مات على ذلك ، [ وذلك ][ ساقطة من الأصل ] يخرج على الاعتذار لرسوله في ذلك والنهي له عن الاستغفار لهم كقوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى )[ التوبة : 113 ] وقد علم شرك المنافقين وكفرهم بالله ورسوله ، فنهاه عن الاستغفار لهم ؛ إذ لا يحتمل أن يكون ذلك قبل أن يطلع رسوله على كفرهم . فدل أنه بعد العلم بذلك نهاه .
وفيه دلالة نقض المعتزلة في قولهم أن صاحب الكبيرة : لا يغفر له لأنه أخبر أنه لا يغفر لهم بما ( كفروا بالله ورسوله ) فدل [ أنه ][ ساقطة من الأصل ] إن لم يكن كفر بالله ورسوله فإنه يغفر له وإن له الشفاعة وصاحب الكبيرة ليس بكافر دل أنه ما ذكرنا .
ثم طلب المغفرة من الله والشفاعة لغير يجيء ألا يكون إلا للخواص من الخلق وهم الرسل والأنبياء ، على ما يكون في الشاهد لا ترفع إلى ملوك الأرض الحاجة لغيرهم إلا للخواص[ في الأصل الخواص ] لهم ، ولا يشفعون إلا لأهل[ في الأصل : الأهل ] الشرف عندهم والمنزلة .
لكن الله تعالى : أذن لنا في [ الاستغفار لغيرنا ][ في الأصل : استغفار غيرنا ] بقوله : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )[ الحشر : 10 ] وقوله : ( سواء عليهم استغفرت لهم أم تستغفر لهم )[ المنافقون : 6 ] .
ويحتمل قولهم ( سواء عليهم ) أي سواء عندهم : أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ويكون طلب استغفارهم من رسول الله استهزاء منهم له بقوله[ في الأصل : حيث ] ( سيقول لك المخلفين من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا )[ الفتح : 11 ] يخرج قولهم : ( فاستغفر لنا ) مخرج الاستهزاء على هذا التأويل .
ويحتمل ذكر السبعين لأن السبعين هو النهاية والغاية في الاستغفار على ما روي أنه كان يستغفر في كل يوم سبعين مرة استغفارا . فأخبر أنك وإن انتهيت [ إلى ][ ساقطة من الأصل ] النهاية فيه لا يغفر لهم ، ولا ينفعهم ذلك .
وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) وقت اختيارهم الفسق أو لا يهديهم طريق الجنة في الآخرة لفسقهم في الدنيا إذا ماتوا على ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.