{ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } أخبر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن صدور الاستغفار منه للمنافقين وعدمه سواء ، فهذا كلام خرج مخرج الأمر ومعناه الخبر ، وذلك لأنهم ليسوا بأهل الاستغفار منه صلى الله عليه وآله وسلم ولا للمغفرة من الله سبحانه فهو كقوله تعالى { قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم } وفيه بيان لعدم المغفرة من الله سبحانه للمنافقين وإن أكثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاستغفار لهم . وليس المراد من هذا أنه لو زاد على السبعين لكان ذلك مقبولا كما في سائر مفاهيم الأعداد ، بل المراد بهذا المبالغة في عدم القبول فقد كانت العرب تجري ذلك مجرى المثل في كلامها عند إرادة التكثير ، والمعنى أنه لن يغفر الله لهم وإن استغفرت لهم استغفارا بالغا في الكثرة غاية المبالغ .
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن التقييد بهذا العدد المخصوص يفيد قبول الزيادة عليه ، ويدل لذلك ما أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عروة أن عبد الله ابن أبي قال : لولا أنكم تنفقون على محمد وأصحابه لانفضوا من حوله ، وهو القائل { ليخرجن الأعز منها الأذل } فأنزل الله { استغفر لهم أولا تستغفر لهم } فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لأزيدن على السبعين ، فأنزل الله { سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } وعن مجاهد وابن عباس نحوه .
قال الضحاك : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله قد رخص لي فسأزيد على السبعين ، لعل الله أن يغفر لهم فأنزل الله { سواء عليهم } الآية ، يعني فبين له حسم المغفرة .
ومعلوم أنه لم يخف عليه ذلك وإنما أراد بما قال إظهار كمال رحمته ورأفته بمن بعث إليهم ، وفيه لطف بأمته وحث على المراحم وشفقة بعضهم على بعض ، وهذا دأب الأنبياء كما قال إبراهيم { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } .
وذكر بعضهم لتخصيص السبعين وجها وليس بشيء فقال أن السبعة عدد شريف لأنها عدد السماوات والأرضين والبحار والأقاليم والنجوم السيارة والأعضاء وأيام الأسبوع ، فصير كل واحد من السبعة إلى عشرة لأن الحسنة بعشرة أمثالها .
وقيل خصت السبعون بالذكر لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كبر على عمه حمزة سبعين تكبيرة فكأنه قال إن تستغفر لهم سبعين مرة بإزاء تكبيراتك على حمزة وهذا كالذي قبله .
ثم علل عدم المغفرة لهم بقوله : { ذلك } الامتناع ليس لعدم الاعتداد باستغفارك بل { بأنهم كفروا بالله ورسوله } ولفظ الكرخي ذلك اليأس من الغفران لهم بسبب أنهم كفروا لا ببخل منا أو قصور فيك ، بل لعدم قابليتهم بسبب الكفر الصارف عنه . اه .
{ والله لا يهدي القوم الفاسقين } أي المتمردين الخارجين عن الطاعة المتجاوزين لحدودها ، والمراد هنا الهداية الموصلة إلى المطلوب لا الهداية التي بمعنى الدلالة وإراءة الطريق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.