جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

{ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } ، أي : ساوى{[2035]} استغفارك وعدمه في عدم الإفادة لهم ، { إن تستغفر لهم سبعين مرة } ، المراد منه التكثير{[2036]} لا العدد المخصوص ، { فلن يغفر الله لهم } ، وقد نقل أنه لما نزلت قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : " إن الله قد رخص لي فأزيدن{[2037]} على السبعين{[2038]} ، لعل الله أن يغفر لهم " حرصا على مغفرتهم{[2039]} فأنزل الله تعالى : { سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } . وهو من باب حمل اللفظ على ما يحتمل مع العلم بأنه غير مراده ، كقول بعضهم : مثل الأمير يحمل على الأدهم . والأشهب في جواب قول الحجاج : لأحملنك على الأدهم . أي : السلسلة إلى{[2040]} ، { ذلك } ، أي : عدم قبول استغفارك ، { بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين } ، المتمردين في الكفر ، فإن من طبع على الكفر لا ينقطع أبدا ولا يهتدي ، فعدم قبول دعائك لا لبخل منا ولا لقصور فيك ، بل لعدم قابليتهم .


[2035]:أشار بقوله أي: ساوي إلخ. إلى أن الأمر بمعنى الخبر/ منه.
[2036]:وقد شاع استعمال السبعة والسبعين والسبعمائة ونحوها في التكثير لاستعمال [في تفسير البيضاوي مع حاشيته محيي الدين زاده (2/345): لاشتمال]. السبعة على جملة أقسام العدد، أي: التي هي الزائد والناقص والمساوي، فإن ما دون السبعة لا يشتمل على جملتها كما تري فكأنه العدد بأسره/ (قاضي).
[2037]:نقله ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما/ وجيز.
[2038]:وهو من باب حمل اللفظ على ما يحتمله من المعني مع العلم بأنه غير مراده كقول القبعثري: مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب في جواب الحجاج لأحملنك على الأدهم أي: السلسلة، وحاصل الكلام أن الكرام لا يرضون إلا بصدق مقالهم في كل حال فحين خاطبه بقوله: لأحملنك على الأدهم وقصد السلسلة تجاهل العارف وقال: مثل الأمير إلى آخره، فإن الأدهم يطلق أيضا على الفرس فتفضل على بهذا وتجاوز عن القصد الأولي كذلك سلك رسول الله صلى الله عليه وسلمفي قول الله يعني صدقها إما يحمل السبعين على الكثرة الغير المحصورة التي هي المراد وإما بحمله على العدد المعين المحصور فتفضل على بأن تتجاوز عن الأول وتترك على الثاني محسنا منعما وهذا توجيه وجيه ما حام حوله أحد من العلماء/وجيز.
[2039]:نظرا إلي ظاهر {إ ن تستغفر لهم سبعين}، فإنه دل على الجواز في الجملة وفي لفظ الترخيص إشعار بأنه عليه الصلاة والسلام كان عالما بحرمة الاستغفار لهم وما خفي عليه أشرف التحيات أن هذه الآية ليست في بيان رخصة، لكن حرصه وكمال شفقته على أمته جره إلى هذا؛ لكي يرحم الله عليهم بفضله فلا تغفل/12 منه.
[2040]:كذا في الأصل.