معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ} (2)

{ ولا أقسم بالنفس اللوامة } بالألف ، وكذلك قرأ عبد الرحمن الأعرج ، على معنى أنه أقسم بيوم القيامة ، ولم يقسم بالنفس اللوامة ، والصحيح أنه أقسم بهما جميعاً ولا صلة فيهما أي أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة . وقال أبو بكر بن عياش : هو تأكيد للقسم كقولك : لا والله . وقال الفراء : لارد لكلام المشركين المنكرين ، ثم ابتدأ فقال : أقسم بيوم القيامة وأقسم بالنفس اللوامة . وقال المغيرة بن شعبة : يقولون : القيامة ، وقيامة أحدهم موته . وشهد علقمة جنازة فلما دفنت قال : أما هذا فقد قامت قيامته . { ولا أقسم بالنفس اللوامة } قال سعيد بن جبير وعكرمة : تلوم على الخير والشر ، ولا تصبر على السراء والضراء . قال قتادة : اللوامة : الفاجرة . وقال مجاهد : تندم على ما فات وتقول : لو فعلت ولو لم أفعل . قال الفراء : ليس من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها ، إن كانت عملت خيراً قالت : هلا ازددت ، وإن عملت شراً قالت : يا ليتني لم أفعل . قال الحسن : هي النفس المؤمنة ، قال : إن المؤمن -والله- ما تراه إلا يلوم نفسه ، ما أردت بكلامي ؟ ما أردت بأكلتي ؟ وإن الفاجر يمضى قدماً لا يحاسب نفسه ولا يعاتبها . وقال مقاتل : هي النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على ما فرطت في أمر الله في الدنيا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ} (2)

ولما كان من المقرر المعلوم الذي هو في أقصى غايات الظهور أن من طلبه{[70080]} الملك طلب-{[70081]} عرض وحساب وثواب-{[70082]} وعقاب يلوم نفسه في كونه لم يبالغ في العمل بما يرضي الملك والإخلاص في موالاته ، والتحيز إليه ومصافاته . وكان أكثر لوم النفس واقعاً في ذلك اليوم ، وكان إدراكها للوم المرتب على إدراك الأمور الكلية والجزئية ومعرفة الخير والشر ، والتمييز بينهما من أعظم الدلائل على تمام{[70083]} قدرة الخالق وكمال عظمته الموجب لإيجاد ذلك اليوم لإظهار عظمته و-{[70084]} حكمه وحكمته قال { ولا أقسم بالنفس{[70085]} } على حد ما مضى في أن-{[70086]} الباء صلة أو سبب { اللوامة * } أي التي تلوم صاحبها وهي خيرة وشريرة ، فالخيرة تكون-{[70087]} سبباً للنجاة فيه والأخرى تكون سبباً للهلاك فيه ، فإن لامت على الشر أو{[70088]} على التهاون {[70089]}بالخير أنجت{[70090]} ، وإن لامت على ضد ذلك أهلكت{[70091]} ، وكيفما كانت لا بد أن تلوم ، وهي بين{[70092]} الأمارة والمطمئنة ، فما غلب عليها{[70093]} منهما كانت في حيزه ، قال الرازي {[70094]}في اللوامع{[70095]} : فالمطمئنة التي{[70096]} انقادت لأوامر الله ، والأمارة المخالفة لها المتبعة للهوى ، واللوامة هي المجاهدة{[70097]} ، فتارة لها اليد وتارة عليها ، وهي نفس الإنسان خاصة لأنها بين طوري{[70098]} الخير والشر والكمال والنقصان والصعود والهبوط والطاعة والعصيان ، قال الإمام السهروردي في الباب السادس{[70099]} والخمسين من معارفه : وهي نفس واحدة لها صفات متغايرة ، فالملائكة في درجة الكمال ، والحيوانات{[70100]} الأخر في دركة النقصان .

ولهذا جمع بين القيامة وبين-{[70101]} اللوامة ، لأن الثواب والعقاب للآدمي دون الملائكة والحيوانات{[70102]} العجم ، واللوامة يشتد لومها في ذلك اليوم على عدم الخير أو عدم الزيادة منه ، لا أقسم على ذلك بهذا الذي هو من أدل الأمور على عظمته سبحانه فإن{[70103]} الأمر في ذلك غني عن القسم .


[70080]:من م، وفي الأصل و ظ: طلب.
[70081]:زيد من ظ و م.
[70082]:زيد من ظ و م.
[70083]:من م، وفي الأصل: عموم، والكلمة ساقطة من ظ.
[70084]:زيد من ظ و م.
[70085]:وقع في الأصل قبل "اللوامة" والترتيب من ظ و م.
[70086]:زيد من ظ و م.
[70087]:زيد من ظ و م.
[70088]:في م: "و".
[70089]:من ظ و م، وفي الأصل: عليه.
[70090]:من ظ و م، وفي الأصل: عليه.
[70091]:من ظ و م، وفي الأصل: هلكت.
[70092]:زيد من ظ و م.
[70093]:من ظ و م، وفي الأصل: عليه.
[70094]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[70095]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[70096]:زيد في الأصل: قامت و، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70097]:في ظ: المجادلة.
[70098]:من ظ و م، وفي الأصل: ظهورى.
[70099]:من ظ و م، وفي الأصل: الخامس.
[70100]:من ظ و م، وفي الأصل: الحيوان.
[70101]:زيد من ظ و م.
[70102]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ و م فحذفناها.
[70103]:من ظ و م، وفي الأصل: قال.