اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَآ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ} (2)

{ وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة } ، لا خلاف في هذا بين القراء ، وأنه سبحانه - جل ذكره - إنما أقسم بيوم القيامة تعظيماً لشأنه ، وعلى قراءة ابن كثير أقسَم بالأولى ولم يقسم بالثانية .

وقيل : { وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة } ردٌّ آخر وابتداء قسم بالنفس اللوامة .

قال الثعلبيُّ : والصحيح أنه أقسم بهما جميعاً ، ومعنى «بالنَّفْسِ اللَّوامَةِ » : أي : نفس المؤمن الذي لا تراه يلوم إلا نفسه ، يقول : [ ما أردت بكذا ؟ ولا تراه إلا وهو يعاتب نفسه قاله ابن عبَّاس ومجاهد والحسن وغيرهم .

قال الحسن : هي والله نفس المؤمن ما يُرى المؤمن إلاّ يلوم نفسه ]{[58629]} ، ما أردت بكلامي هذا ؟ ما أردت بأكلي ما أردت بحديثي ؟ والفاجر لا يحاسب نفسه{[58630]} .

وقال مجاهد : هي التي تلوم على ما فات وتندم ، فتلوم نفسها على الشَّرِّ لم فعلته ، وعلى الخير لِمَ لَمْ تستكثر منه{[58631]} .

وقيل : تلوم نفسها بما تلوم عليه غيرها .

وقيل : المراد آدم - صلوات الله وسلامه عليه - لم يزل لائماً لنفسه على معصيته التي أخرج بها من الجنة .

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنها الملومة ، فتكون صفة ذمٍّ{[58632]} ، وهو قول من نفى أن يكون قسماً وعلى الأول : صفةُ مدحٍ فيكون القسم بها سائغاً .

وقال مقاتل : هي نفس الكافر يلوم نفسه ويتحسَّر في الآخرة على ما فرط في جنبِ الله تعالى{[58633]} .


[58629]:سقط من أ.
[58630]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/464) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس".
[58631]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/327) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/464) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.
[58632]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/61).
[58633]:ينظر المصدر السابق.