صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

{ في كبد } في تعب ومشقة من مكابدة الهموم والشدائد في الدنيا ، لا فرق في ذلك بين الصالحين وغير الصالحين ، ولا بين أن تكون المشاق والمتاعب في خير أو شر . فالأنبياء والعبّاد والمجاهدون في سبيل الله في كبد في الدنيا ، ولهم النعيم في الآخرة . والجاحدون للنبوة ، والحاقدون والمفسدون في الأرض في كبد الدنيا ، ولهم وراء ذلك كبد في الآخرة . والكبد : المشقة ؛ من المكابدة للشيء وهي تحمل المشاق في فعله . وأصله من كبد الرجل – من باب طرب – فهو أكبد : إذا وجعته كبده ؛ ثم استعمل في كل تعب ومشقة .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

شرح الكلمات :

{ في كبد } : أي في نصب وشدة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة .

المعنى :

{ لقد خلقنا الإِنسان في كبد } أي في نصب وتعب لا يفارقانه منذ تخلقه في بطن أمه إلى وفاته بانقضاء عمره ثم يكابد شدائد الآخرة ثم إما إلى نعيم لا نصب معه ولا تعب ، وإما إلى جحيم لا يفارقه ما هو أشد من النصب والتعب عذاب الجحيم هكذا شاء الله وهو العليم الحكيم . وفي هذا الخبر الإِلهي المؤكد بأجل قسم على أن الإِنسان محاط منذ نشأته إلى نهاية أمره بالنصب والتعب ترويح على نفوس المؤمنين بمكة وهم يعانون من الحاجة والاضطهاد والتعذيب أحيانا من طغاة قريش لا سيما المستضعفين كياسر وولده عمار وبلال وصهيب وخبيب ، وحتى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فهو لم يسلم من أذى المشركين فإِذا عرفوا طبيعة الحياة وأن السعادة فيها أن يعلم المرء أن لا سعادة بها هان عليهم الأمر وقل قلقهم وخفت آلامهم . كما هو تنبيه للطغاة وإعلام لهم بما هم عنه غافلون لعلهم يصحون من سكرتهم بحب الدنيا وما فيها .

الهداية :

- اعلان حقيقة وهي أن الإِنسان لا يبرح يعاني من أتعاب الحياة حتى الممات ثم يستقبل شدائد الآخرة إلى أن يقر قراره وينتهي تطوافه باستقراره في الجنة حيث يستريح نهائيا ، أو في النار فيعذب ويتعب أبدا .